للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْأَكْبَرِ﴾ قال: سنون أصابتهم (١).

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثني عبد الله بن عمر القواريري، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن عروة، عن الحسن العُرني، عن يحيى الجزار، عن ابن أبي ليلى، عن أُبي بن كعب في هذه الآية: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ قال: القمر والدخان قد مضيا والبطشة واللزام (٢). ورواه مسلم من حديث شعبة به موقوفًا نحوه (٣). وعند البخاري، عن ابن مسعود نحوه (٤).

وقال عبد الله بن مسعود أيضًا في رواية عنه: العذاب الأدنى ما أصابهم من القتل والسبي يوم بدر (٥)، وكذا قال مالك، عن زيد بن أسلم (٦).

قال السدي وغيره: لم يبق بيت بمكة إلا دخله الحزن على قتيل لهم أو أسير، فأُصيبوا أو غرموا، ومنهم من جمع له الأمران.

وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾ أي: لا أظلم ممن ذكره الله بآياته وبينها له ووضحها، ثم بعد ذلك تركها وجحدها وأعرض عنها وتناساها كأنه لا يعرفها.

قال قتادة: إياكم والإعراض عن ذكر الله، فإن من أعرض عن ذكره فقد اغترَّ أكبر الغرَّة، وأعوز أشد العوَز، وعظم من أعظم الذنوب، ولهذا قال تعالى متهددًا لمن فعل ذلك ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ أي: سأنتقم ممن فعل ذلك أشد الانتقام.

وروى ابن جرير: حدثني عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا محمد بن المبارك، حدثنا إسماعيل بن [عياش] (٧)، حدثنا عبد العزيز بن عبيد الله، عن عبادة بن نسي، عن جُنادة بن أبي أُمية، عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله يقول: ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من عقد لواء في غير حق، أو عقَّ والديه، أو مشى مع ظالم ينصره فقد أجرم، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ (٨). ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش به وهذا حديث غريب جدًا.

﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن عبده ورسوله موسى أنه آتاه الكتاب، وهو التوراة، وقوله


(١) أخرجه النسائي بسنده ومتنه (السنن الكبرى، التفسير، ح ١١٣٩٥) وسنده صحيح.
(٢) أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ١٢٨) وسنده صحيح.
(٣) صحيح مسلم، صفات المنافقين، باب نزول أهل الجنة (ح ٢٧٩٩).
(٤) صحيح البخاري، التفسير، سورة الدخان (ح ٤٨٢٠).
(٥) أخرجه سفيان الثوري عن السدي عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود وسنده حسن، وأخرجه الحاكم من طريق الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤١٤).
(٦) سنده صحيح.
(٧) كذا في (ح) و (حم) وتفسير الطبري، وفي الأصل صُحف إلى: "عباس".
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف عبد العزيز بن عبيد الله وهو الحمصي.