للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه في الحديث الآخر: "ثلاث في الناس كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت، والاستسقاء بالنجوم" (١).

﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (٦)﴾.

قد علم الله تعالى شفقة رسوله على أمته ونصحة لهم، فجعله أولى بهم من أنفسهم، وحكمه فيهم كان مقدمًا على اختيارهم لأنفسهم، كما قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)[النساء].

وفي الصحيح: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إِليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين" (٢).

وفي الصحيح أيضًا أن عمر قال: يا رسول الله، والله لأنتَ أحبُّ إِليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال : "لا يا عمر حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك" فقال: يا رسول الله، والله لأنتَ أحبُّ إليَّ من كل شيء حتى من نفسي، فقال : "الآن يا عمر" (٣). ولهذا قال تعالى في هذه الآية ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾.

وقال البخاري عند هذه الآية الكريمة: حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا محمد بن فُليح، حدثنا أبي، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة ، عن النبي قال: "ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إِن شئتم: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ فأيما مؤمن ترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك دينًا أو ضياعًا فليأتني فأنا مولاه" (٤)، تفرد به البخاري ورواه أيضًا في الاستقراض (٥)، وابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن فُليح به مثله، ورواه أحمد من حديث أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، عن رسول الله بنحوه (٦).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري في قوله: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي كان يقول: "أنا أولى بكلِّ مؤمن من نفسه، فأيما رجل مات وترك دينًا فإليَّ، ومن ترك مالًا فهو لورثته" (٧) ورواه أبو داود، عن أحمد بن حنبل به نحوه (٨).

وقال تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ أي: في الحرمة والاحترام، والتوقير والإكرام والإعظام،


(١) أخرجه مسلم من حديث أبي مالك الأشعري ، (الصحيح، الجنائز، باب التشديد في النياحة ح ٩٣٤).
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة التوبة آية ٢٤.
(٣) صحيح البخاري، الأيمان والنذور، باب كيف كان يمين النبي (ح ٦٦٣٢).
(٤) أخرجه البخاري بسنده ومتنه، (صحيح البخاري، التفسير، سورة الأحزاب باب رقم (١) ح ٤٧٨١).
(٥) باب الصلاة على من ترك دينًا (ح ٢٣٩٩).
(٦) (المسند ٢/ ٣٥٦).
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٢/ ٦٤ ح ١٤١٥٨)، وصحح سنده محققوه.
(٨) سنن أبي داود، البيوع والإجارات، باب في التشديد في الدّين (ح ٣٣٤٣)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٢٨٥٩).