للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وآخى عثمان رجلًا من بني زريق بن سعد الزرقي، ويقول بعض الناس غيره، قال الزبير : وواخيت أنا كعب بن مالك فجئته فابتعلته، فوجدت السلاح قد ثقله فيما يرى، والله يا بني لو مات يومئذٍ عن الدنيا ما ورثه غيري حتى أنزل الله تعالى هذه الآية فينا معشر قريش والأنصار خاصة، فرجعنا إلى مواريثنا (١).

وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾ أي: ذهب الميراث وبقي النصر والبر والصلة والإحسان والوصية.

وقوله تعالى: ﴿كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾ أي: هذا الحكم، وهو أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض، حكم من الله مقدر مكتوب في الكتاب الأول الذي لا يُبدل ولا يُغيَّر، قاله مجاهد وغير واحد (٢)، وإن كان تعالى قد شرع خلافه في وقت لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وهو يعلم أنه سينسخه إلى ما هو جار في قدره الأزلي وقضائه القدري الشرعي.

﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٨)﴾.

يقول الله تعالى مخبرًا عن أولي العزم الخمسة وبقية الأنبياء أنه أخذ عليهم العهد والميثاق في إقامة دين الله تعالى، وإبلاغ رسالته والتعاون والتناصر والاتفاق، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١)[آل عمران]، فهذا العهد والميثاق أخذ عليهم بعد إرسالهم، وكذلك هذا، ونصَّ من بينهم على هؤلاء الخمسة وهم أولو العزم، وهو من باب عطف الخاص على العام، وقد صرح بذكرهم أيضًا في هذه الآية، وفي قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣]، فذكر الطرفين، والوسط الفاتح، والخاتم، ومن بينهما على الترتيب، فهذه هي الوصية التي أخذ عليهم الميثاق بها، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ فبدأ في هذه الآية بالخاتم لشرفه صلوات الله عليه، ثم رتبهم بحسب وجودهم صلوات الله عليهم.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا سعيد بن بشير، حدثني قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة ، عن النبي في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾ الآية. قال النبي : "كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث [فبدأ بي] (٣) قبلهم" (٤) سعيد بن بشير فيه ضعف، وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة


(١) في سنده عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد (تهذيب التهذيب ٦/ ١٧٢ - ١٧٣)، والراوي عنه من أهل بغداد كما صرح ابن أبي حاتم، وهذه من دقة فنه في النقد أن يذكر الراوي إنه من ساكني بغداد.
(٢) لم أجد من أخرجه عن مجاهد أو غيره.
(٣) زيادة من (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.
(٤) سنده ضعيف لضعف سعيد بن بشير.