للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مرسلًا وهو أشبه (١)، ورواه بعضهم عن قتادة موقوفًا: والله أعلم.

وقال أبو بكر البزار: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا حمزة الزيات، حدثنا عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: خيار ولد آدم خمسة: نوح وإِبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وخيرهم محمد (٢). موقوف وحمزة فيه ضعف.

وقد قيل: إن المراد بهذا الميثاق الذي أخذ منهم حين أخرجوا في صورة الذرِّ من صلب آدم ، كما قال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبي بن كعب قال: ورفع أباهم آدم، فنظر إِليهم يعني ذريته، وأن فيهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك، فقال: ربِّ لو سويت بين عبادك، فقال: إِني أحببت أن أشكر، ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور، وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة، وهو الذي يقول الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ (٣). وهذا قول مجاهد أيضًا (٤).

وقال ابن عباس: الميثاق الغليظ: العهد (٥).

وقوله تعالى: ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾ قال مجاهد: المبلغين المؤدين عن الرسل (٦).

وقوله تعالى: ﴿وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ﴾ أي: من أممهم ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾ أي: موجعًا فنحن نشهد أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم، ونصحوا الأمم وأفصحوا لهم عن الحق الجلي الذي لا لبس فيه ولا شك ولا امتراء، وإن كذبهم من كذبهم من الجهلة والمعاندين والمارقين والقاسطين، فما جاءت به الرسل هو الحق، ومن خالفهم فهو على الضلال.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٩) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن نعمته وفضله وإحسانه إلى عباده المؤمنين في صرفه أعداءهم وهزمه إياهم عام تألبوا عليهم وتحزبوا، وذلك عام الخندق، وذلك في شوال سنة خمس من الهجرة على الصحيح المشهور.

وقال موسى بن عقبة وغيره (٧): كان في سنة أربع، وكان سبب قدوم الأحزاب أن نفرًا من


(١) أخرجه الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلًا، وسنده صحيح إلى قتادة لكنه مرسل.
(٢) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٢٣٦٨)، وعلى الرغم مما قيل في حمزة، فإن معناه صحيح وله شواهد من القرآن والسنة، وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٨/ ٢٥٨).
(٣) سنده جيد.
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "في ظهر آدم".
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس ويشهد له ما سبق.
(٦) أخرجه آدم والطبري كسابقه عن مجاهد.
(٧) ذكره في البداية والنهاية (٤/ ٩٣).