للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عوف: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يقدر على أن يذهب إلى الغائط (١).

وقال الحسن في قوله ﷿: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ ظنون مختلفة، ظن المنافقون أن محمدًا وأصحابه يستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعد الله ورسوله حق، وأنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن [عاصم] (٣) الأنصاري، حدثنا أبو عامر، (ح) وحدثنا أبي، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا الزبير يعني: ابن عبد الله مولى عثمان ، عن [رُبيح] (٤) بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله هل من شيء نقول، فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال : نعم، قولوا: "اللَّهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا" قال: فضرب وجوه أعدائه بالريح، فهزمهم بالريح (٥). وكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل، عن أبي عامر العقدي (٦).

﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (١٢) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (١٣)﴾.

يقول الله تعالى مخبرًا عن ذلك الحال حين نزلت الأحزاب حول المدينة، والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضيق، ورسول الله بين أظهرهم، أنهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالًا شديدًا، فحينئذٍ ظهر النفاق، وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (١٢)﴾، أما المنافق فنجم (٧) نفاقه، والذي في قلبه شبهة أو حسيكة (٨) لضعف حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه لضعف إيمانه وشدة ما هو فيه من ضيق الحال.

وقوم آخرون قالوا كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ﴾ يعني: المدينة. كما جاء في الصحيح: "أُريت في المنام دار هجرتكم، أرض بين حرتين، فذهب وهلي أنها هجر فإذا هي يثرب" وفي لفظ: المدينة (٩).


(١) أخرجه البُستي بسند حسن من طريق وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن ابن إسحاق، وأخرجه ابن إسحاق مطولًا بأسانيد مرسلة يقوي بعضها بعضًا كما في تفسير الطبري والسيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٢٤٦).
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عوف - وهو الأعرابي -، عن الحسن البصري.
(٣) كذا في (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: "عصام".
(٤) كذا في (حم) والمسند، وفي الأصل: "ررح" بدون نقط.
(٥) سنده ضعيف لأن رُبيح بن عبد الرحمن مقبول. (التقريب ص ٢٠٥).
(٦) أخرجه الإمام أحمد عن أبي عامر به (المسند ١٧/ ٢٧ ح ١٠٩٩٦) وضعف سنده محققوه للسبب السابق.
(٧) نجم الشيء: طلع وظهر. ونجم له رأي: بدا.
(٨) الحسيكة: الحقد والعداوة.
(٩) أخرجه الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري (صحيح البخاري، المناقب، علامات النبوة ح ٣٦٢٢، وصحيح مسلم، الرؤيا، باب رؤيا النبي ح ٢٢٧٢).