للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا قال: ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ أي: (ولا يجدي) (١) عنهم حذرهم شيئًا؛ لأن الله محيط بقدرته، وهم تحت مشيئته وإرادته؛ كما قال: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠)(٢) [البروج].

ثم قال: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ أي: لشدته وقوته في نفسه، وضعف بصائرهم، وعدم ثباتها للإيمان.

وقال علي بن أبي (٣) طلحة، عن ابن عباس: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ يقول يكاد: محكم القرآن يدل على عورات المنافقين.

وقال ابن (٤) إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ أي: لشدة ضوء الحق، ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ أي: كلما ظهر لهم من الإيمان شيء استأنسوا به واتبعوه؛ وتارةً تعرض لهم الشكوك أظلمت قلوبهم، فوقفوا حائرين.

وقال علي بن (٥) أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾ يقول: كلما [أصاب المنافقين من عز الإسلام اطمأنوا إليه، وإذا أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلي الكفر؛ كقوله (تعالى) (٦): ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ﴾ [الحج: ١١].

وقال محمد (٧) بن إسحاق، عن محمد (بن أبي محمد) (٨)، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿كُلَّمَا﴾] (٩) أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ أي: يعرفون الحق، ويتكلمون به؛ فهم (من) (١٠) قولهم به على استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا؛ أي: متحيرين.


(١) في (ج) و (ل): "يجزي".
(٢) قال في حاشية (ج): "حاشية: الصواعق: جمع صاعقة، وهي نار تنزل من السماء في وقت الرعد الشديد، وحكى الخليل بن أحمد عن بعضهم: صاعقة، وحكى بعضهم: صاعقة، وصعقة، وصاقعة ونقل عن الحسن البصري أنه قرأ: من الصواقع حذر الموت؛ بتقديم القاف وأنشدوا لآبي اللحم:
يحكون بالمصقولة القواطع … تشقق البرق عن الصواقع
قال النحاس: وهي لغة بني تميم وبعض بني ربيعة. حرر ذلك القرطبي". اهـ.
قلت: وقد ثبتت هذه الحاشية في (ى) ولكن ناسخ (ل) وضعها في سياق الكلام، وكذلك ناسخ (ع) كتبها على حاشية نسخته وأشار في السياق إلى موضعها، والصواب أنها حاشية كما صرح به في (ج) والله أعلم.
(٣) أخرجه ابن جرير (٤٥٤) مطولًا. واختصره المصنِّف وهو كذلك عند ابن أبي حاتم (٢٠٤). [وسنده ثابت].
(٤) أخرجه ابن جرير (٤٥١) مطولًا؛ وابن أبي حاتم (٢٠٧) مختصرًا. [وسنده حسن].
(٥) أخرجه ابن جرير (٤٥٤)؛ وابن أبي حاتم (٢٠٩). [وسنده ثابت].
(٦) من (ن).
(٧) أخرجه ابن جرير (٤٥١). وهو عند ابن أبي حاتم (٢١٢) مختصر. [وسنده ثابت]
(٨).
(٩) ساقط من (ج) و (ع).
(١٠) في (ز): "في".