للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه عمله عمل السوء، فلا يجد له عملًا من خيرٍ عمل به يصدق به قول لا إله إلا الله.

﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ قال السدي (١) بسنده: صم بكم عمى؛ فهم خرس عمي.

وقال علي بن أبي طلحة (٢)، عن ابن عباس: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ يقول: لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه؛ ولا يعقلونه. وكذا قال أبو العالية، وقتادة بن دعامة.

﴿فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ قال ابن عَبَّاس (٣): أي لا يرجعون إلى هدًى. وكذا قال الربيع بن أنس.

وقال السدي (٤) بسنده: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)﴾ إلى الإسلام.

وقال قتادة (٥): فهم لا يرجعون؛ أي: لا يتوبون، ولا هم يذكرون.

﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)﴾.

وهذا مثل آخر ضربه (الله) (٦) تعالى لضربٍ آخر من المنافقين، وهم قوم يظهر لهم الحق تارةً، ويشكون تارةً أخرى؛ فقلوبهم في حال شكهم وكفرهم وترددهم (﴿كَصَيِّبٍ﴾).

والصيب: المطر؛ قاله (٧) ابن مسعود، وابن (٨) عباس، وناس من الصحابة، وأبو العالية، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعطاء، والحسن البصري، وقتادة، وعطية العوفي، وعطاء الخراساني، والسدي، والربيع بن أنس.

وقال الضحاك: هو السحاب. والأشهر هو المطر نزل من السماء، في حال ظلمات؛ وهي الشكوك، والكفر، والنفاق.

﴿وَرَعْدٌ﴾ وهو ما يزعج القلوب من الخوف؛ فإن من شأن المنافقين الخوف الشديد، والفزع؛ كما قال تعالى: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ﴾ [المنافقون: ٤] وقال: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧)[التوبة].

والبرق هو ما يلمع في قلوب هؤلاء الضرب من المنافقين في بعض الأحيان من نور الإيمان؛


(١) أخرجه ابن جرير (٤٠٠) وهو عند ابن أبي حاتم (١٧٤) عن السدي قوله. [وسنده ضعيف].
(٢) أخرجه ابن جرير (٣٩٩)؛ وابن أبي حاتم (١٧٣). [وسنده ثابت].
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٧٨) وسنده ضعيف.
(٤) أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم (١٧٩) قوله. [وسنده ضعيف].
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (١٨٠)؛ وابن جرير (٤٠١) نحوه. [وسنده صحيح].
(٦) من (ز) و (ل) و (ن) و (هـ) (ي).
(٧) أخرجه ابن جرير (٤٠٨).
(٨) أخرجه ابن جرير (٤٠٥)؛ وأبو الشيخ في "العظمة" (٧٤٣) من طريق محمد بن عبيد عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره. وسنده قوي، وبقية الآثار عند ابن جرير وأبي الشيخ (٧٤٤)؛ وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" (١/ ٥٤). [وهذه الآثار أسانيدها ثابتة سوى أثر عطية العوفي ويتقوى بالآثار الأخرى].