للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال قتادة وابن زيد: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ يقول: بل مكركم بالليل والنهار (١)، وكذا قال مالك، عن زيد بن أسلم بالليل والنهار.

﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا﴾ أي: نظراء وآلهة معه وتقيمون لنا شبهًا وأشياء من المحال تضلوننا بها.

﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾ أي: الجميع من السادة والأتباع كل ندم على ما سلف منه ﴿وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وهي السلاسل التي تجمع أيديهم مع أعناقهم ﴿هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي: إنما نجازيكم بأعمالكم كل بحسبه للقادة عذاب بحسبهم وللأتباع بحسبهم ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨].

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فروة بن أبي المغراء، حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني، عن أبي سنان ضرار بن صُرَد، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقاهم لهبها، ثم لفحتهم لفحة لم يبق لحم إلا سقط على العرقوب" (٢).

وحدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا الطيب أبو الحسن، عن الحسن بن يحيى الخشني قال: ما في جهنم دار ولا مغار ولا غلٍّ ولا قيد ولا سلسلة إلا اسم صاحبها عليها مكتوب، قال: فحدثته أبا سليمان؛ يعني: الداراني رحمة الله عليه، فبكى ثم قال: ويحك فكيف به لو جمع هذا كله عليه، فجعل القيد في رجليه والغلَّ في يديه، والسلسلة في عنقه، ثم أدخل النار وأدخل المغار؟ اللَّهم سلِّم (٣).

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٣٤) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (٣٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩)﴾.

يقول تعالى مسليًا لنبيه آمرًا بالتأسي بمن قبله من الرسل، ومخبره بأنه ما بعث نبيًا في قرية إلا كذبه مترفوها واتبعه ضعفاؤهم، كما قال قوم نوح ﴿أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ [الشعراء: ١١١]، ﴿مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هود: ٢٧]،


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٢) سنده ضعيف لضعف محمد بن سليمان بن الأصبهاني (مجمع الزوائد ١٠/ ٢٨٩)، وأخرجه الطبراني من طريق محمد بن سليمان بن الأصبهاني به (المعجم الأوسط ح ٩٣٦٥).
(٣) سنده مرسل، ومثل هذا الخبر لا يؤخذ إلا بحديث مرفوع لأنه من الغيبيات.