للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وكذلك هذه الأنهار السارحة من قطر إلى قُطر للمنافع؛ وما ذرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة، والنبات المختلف الطعوم والأراييح والأشكال، مع اتحاد طبيعة التربة والماء، استدل على وجود الصانع، وقدرته العظيمة، وحكمته، ورحمته ولطفه بهم، وإحسانه إليهم، وبره بهم، لا إله غيره، ولا رب سواه، عليه توكلت وإليه أنيب.

والآيات في القرآن الدالة على هذا المقام كثيرة جدًّا] (١).

﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)﴾.

ثم شرع تعالى في تقرير النبوة بعد أن قرر أنه لا إله إلا هو؛ فقال مخاطبًا للكافرين: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ يعني: محمد فأتوا بسورة من مثل ما جاء به إن زعمتم أنه من عند غير اللّه، فعارضوه بمثل ما جاء به، واستعينوا على ذلك بمن شئتم من دون اللّه، فإنكم لا تستطيعون ذلك.

قال ابن (٢) عباس: ﴿شُهَدَاءَكُمْ﴾ أعوانكم [أي: قومًا آخرين يساعدونكم على ذلك] (٣).

[وقال السدي، عن أبي مالك: شركاءكم (٤) [أي: استعينوا بآلهتكم في ذلك يمدونكم وينصرونكم] (٥).

وقال مجاهد: وادعوا شهداءكم، قال: ناس يشهدون به (٦)؛ (يعني: حكم الفصحاء) (٧).

وقد تحداهم الله تعالى بهذا] (٨) في غير موضع من القرآن، فقال في سورة القصص: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٩)[القصص].

وقال في سورة سبحان: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)[الإسراء].

وقال في سورة هود: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)[هود].

وقال في سورة يونس: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ


(١) ساقط من (ز) و (ك) و (هـ) و (ى).
(٢) أخرجه ابن إسحاق، كما في "الدر المنثور" (١/ ٣٥)، ومن طريقه ابن جرير (٤٩٦)؛ وابن أبي حاتم (٢٤١) [وسنده حسن].
(٣) من (ج) و (ل)؛ وفي (ن): "قال السدي، عن أبي مالك: شركاءكم؛ أي: قومًا آخرين يساعدونكم على ذلك؛ أي: استعينوا … إلخ" فأدخل الناسخ إحدى العبارتين في الأخرى.
(٤) من (ج) و (ل).
(٥) [أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق السدي به].
(٦) [أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد].
(٧) ساقط من (ز) و (ع) و (ك) و (هـ) و (ي).
(٨) ساقط من (هـ).