للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالله وبأمر الله الذي يخشى الله تعالى ويعلم الحدود والفرائض، والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض، والعالم بأمر الله ليس العالم بالله الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله ﷿ (١).

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠)﴾.

يخبر تعالى عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه ويؤمنون به، ويعملون بما فيه من إقام الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله تعالى في الأوقات المشروعة ليلًا ونهارًا، سرًا وعلانية ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ أي: يرجون ثوابًا عند الله لا بدّ من حصوله، كما قدمنا في أول التفسير عند فضائل القرآن أنه يقول لصاحبه: إن كل تاجر من وراء تجارته وإنك اليوم من وراء كل تجارة، ولهذا قال تعالى: ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أي: ليوفيهم ثواب ما عملوه ويضاعفه لهم بزيادات لم تخطر لهم ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ﴾ أي: لذنوبهم ﴿شَكُورٌ﴾ للقليل من أعمالهم.

قال قتادة: كان مُطرِّف إذا قرأ هذه الآية يقول: هذه آية القراء (٢).

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا حيوة، حدثنا سالم بن غيلان قال: إنه سمع درَّاجًا أبا السمح يحدث عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري قال: إنه سمع رسول الله يقول: "إن الله تعالى إذا رضي عن العبد أثنى عليه بسبعة أصناف من الخير لم يعمله، وإذا سخط على العبد أثنى عليه بسبعة أضعاف من الشر لم يعمله" (٣). غريب جدًا.

﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١)﴾.

يقول تعالى: ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ يا محمد من الكتاب وهو القرآن ﴿هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي: من الكتب المتقدمة بصدقها كما شهدت له بالتنويه، وأنه منزل من ربِّ العالمين ﴿إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ أي: هو خبير بهم بصير بمن يستحق ما يفضله به على من سواه، ولهذا فضل الأنبياء والرسل على جميع البشر، وفضل النبيين بعضهم على بعض، ورفع بعضهم درجات وجعل منزلة محمد فوق جميعهم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)﴾.

يقول تعالى: ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم المصدق لما بين يديه من الكتب الذين اصطفينا من عبادنا وهم هذه الأمة، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع، فقال تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ


(١) في سنده إبهام شيخ أبي حيان التيمي، وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق معتمر عن أبيه عن قتادة به.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٣٨) وسنده ضعيف لضعف رواية درّاج عن أبي الهيثم.