للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبان بن صالح، حدثنا زياد بن عبد الله، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي فقال: أيصبغ ربك؟ قال : "نعم صبغًا لا ينقض أحمر وأصفر وأبيض" (١). وروي مرسلًا وموقوفًا، والله أعلم. ولهذا قال تعالى بعد هذا: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ أي: إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى، كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير (٢).

وقال ابن لهيعة: عن ابن أبي عمرة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: العالم بالرحمن من عباده من لم يشرك به شيئًا، وأحلَّ حلاله وحرّم حرامه، وحفظ وصيته وأيقن أنه ملاقيه ومحاسب بعمله (٣).

وقال سعيد بن جبير: الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله ﷿ (٤).

وقال الحسن البصري: العالم من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سخط الله فيه، ثم تلا الحسن ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ (٥).

وعن ابن مسعود أنه قال: ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية (٦).

وقال أحمد بن صالح المصري، عن ابن وهب، عن مالك قال: إن العلم ليس بكثرة الرواية، وإنّما العلم نور يجعله الله في القلب (٧). قال أحمد بن صالح المصري: معناه أن الخشية لا تدرك بكثرة الرواية، وإنما العلم الذي فرض الله ﷿ أن يتبع، فإنما هو الكتاب والسُّنَّة وما جاء عن الصحابة ومن بعدهم من أئمة المسلمين، فهذا، لا يدرك إلا بالرواية، ويكون تأويل قوله: نور يريد به فهم العلم ومعرفة معانيه.

وقال سفيان الثوري: عن أبي حيان التيمي، عن رجل قال: كان يقال العلماء ثلاثة: عالم بالله، عالم بأمر الله، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله، وعالم بأمر الله، ليس بعالم بالله، فالعالم


(١) أخرجه البزار بسنده ومتنه ثم قال: لا نعلم أحدًا أسنده عن ابن عباس إلا زياد بن عبد الله (المسند ح ٢٩٤٤) قال الهيثمي: فيه عطاء بن السائب وقد اختلط (مجمع الزوائد ٥/ ١٢٨)، وفيه أيضًا، زياد بن عبد الله وهو النمري: ضعيف (التقريب ص ٢٢٠).
(٢) أخرجه الطبري واللالكائي (السنة رقم ٩٤٥) كلاهما بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٣) في سنده ابن لهيعة فيه مقال.
(٤) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٥) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم وعبد بن حميد.
(٦) أخرجه ابن عدي (الكامل في الضعفاء ١/ ٣٨)، والطبراني (المعجم الكبير ح ٨٥٣٤) كلاهما من طريق عون عن ابن مسعود، وسنده منقطع لأن عونًا لم يسمع من ابن مسعود.
(٧) سنده صحيح.