للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من أهل البصرة ليس بقوي (١)، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله عاش ثلاثًا وستين سنة (٢)، وقيل: ستين، وقيل: خمسًا وستين، والمشهور الأول، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾ روي عن ابن عباس وعكرمة وأبي جعفر الباقر وقتادة وسفيان بن عيينة أنهم قالوا: يعني الشيب (٣).

وقال السدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يعني به رسول الله .

وقرأ ابن زيد ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦)(٤) [النجم].

وهذا هو الصحيح عن قتادة فيما رواه شيبان عنه أنه قال: احتج عليهم بالعمر والرسل (٥)، وهذا اختيار ابن جرير، وهو الأظهر لقوله تعالى: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٨)[الزخرف] أي: لقد بيَّنا لكم الحق على ألسنة الرسل فأبيتم وخالفتم، وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥] وقال : ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩)[الملك] أي: فذوقوا عذاب النار جزاء على مخالفتكم للأنبياء في مدة أعمالكم، فما لكم اليوم ناصر ينقذكم مما أنتم فيه من العذاب والنكال والأغلال.

﴿إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (٣٩)﴾.

يخبر تعالى بعلمه غيب السماوات والأرض، وإنه يعلم ما تكنُّه السرائر وما تنطوي عليه الضمائر، وسيجازي كل عامل بعمله، ثم قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ﴾ أي: يخلف قوم لآخرين قبلهم وجيل لجيل قبلهم. كما قال تعالى: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ﴾ [النمل: ٦٢] ﴿فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ أي: فإنما يعود وبال ذلك على نفسه دون غيره ﴿وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا﴾ أي: كلما استمروا على كفرهم أبغضهم الله تعالى، وكلما استمروا فيه خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة بخلاف المؤمنين، فإنهم كلما طال عمر أحدهم وحسن عمله، ارتفعت درجته ومنزلته في الجنة وزاد أجره وأحبه خالقه وبارئه ربُّ العالمين.


(١) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٣٥٨٦)، وسنده ضعيف لضعف عثمان بن مطر (مجمع الزوائد ١٠/ ٢٠٦).
(٢) ورجحه الحافظ في: الفصول في اختصار سيرة الرسول ص ١٩٧، والخبر في صحيح البخاري من حديث عائشة . (الصحيح، المناقب، باب وفاة النبي ح ٣٥٣٦).
(٣) قول ابن عباس أخرجه البيهقي بسند ضعيف فيه مجهول يروي عن ابن عباس (السنن الكبرى ٣/ ٣٧٠) وقول عكرمة عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) قول السدي عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وقول عبد الرحمن بن زيد، أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه.
(٥) سنده صحيح وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.