للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الطرق، فلو لم يكن إلا الطريق التي ارتضاها أبو عبد الله البخاري شيخ هذه الصناعة لكفت وقول ابن جرير: إن في رجاله بعض من يجب التثبت في أمره لا يلتفت إليه من تصحيح البخاري، والله أعلم. وذكر بعضهم أن العمر الطبيعي عند الأطباء مائة وعشرون سنة، فالإنسان لا يزال في ازدياد إلى كمال الستين، ثم يشرع بعد هذا في النقص والهرم، كما قال الشاعر:

إذا بلغ الفتى ستين عامًا … فقد ذهب المسرة والفتاء (١)

ولما كان هذا هو العمر الذي يعذر الله تعالى إلى عباده به ويزيح به عنهم العلل، كان هو الغالب على أعمار هذه الأمة، كما ورد بذلك الحديث.

قال الحسن بن عرفة : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك". وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه جميعًا في كتاب الزهد عن الحسن بن عرفة به. ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه (٢). وهذا عجيب من الترمذي، فإنه قد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا من وجه آخر وطريق أخرى عن أبي هريرة حيث قال: حدثنا سليمان بن عمرو، عن محمد بن ربيعة، عن كامل أبي العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "أعمار أُمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك" وقد رواه الترمذي في كتاب الزهد أيضًا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن محمد بن ربيعة به، ثم قال: هذا حديث حسن غريب من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة (٣)، وقد روي من غير وجه هذا نصه بحروفه في الموضعين، والله أعلم.

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو موسى الأنصاري، حدثنا ابن أبي فديك، حدثني إبراهيم بن الفضل مولى بني مخزوم، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين" (٤) وبه قال: قال رسول الله : "أقل أُمتي أبناء سبعين" (٥). إسناده ضعيف.

حديث آخر في معنى ذلك: قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا إبراهيم بن هانئ، حدثنا إبراهيم بن مهدي، عن عثمان بن مطر، عن أبي مالك، عن ربعي، عن حذيفة أنه قال: يا رسول الله أنبئنا بأعمار أُمتك، قال رسول الله : "ما بين الخمسين إلى الستين" قالوا: يا رسول الله فأبناء السبعين؟ قال : "قل من يبلغها من أُمتي، رحم الله أبناء السبعين، ورحم الله أبناء الثمانين" ثم قال البزار: لا يروى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد، وعثمان بن مطر


(١) أي: الشباب.
(٢) أخرجه الترمذي (السنن، أبواب الدعوات ح ٣٥٥٠)، وابن ماجه (السنن، الزهد، باب الأمل والأجل ح ٤٢٣٦)، وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن ابن ماجه ح ٣٤١٤).
(٣) سنن الترمذي، الزهد، باب ما جاء في أعمار هذه الأمة (ح ٢٣٣١).
(٤) أخرجه أبو يعلى بسنده ومتنه (المسند ١١/ ٤٢٢ ح ٦٥٤٣) وسنده ضعيف لضعف إبراهيم بن الفضل المخزومي.
(٥) المصدر السابق (ح ٦٥٤٤) وسنده كسابقه.