للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وإن جاءت الآيات في وصف المعاد وما فيه من الأهوال (وبيان الأحوال) (١)، وفي وصف الجنة والنار، وما أعد اللّه فيهما لأوليائه وأعدائه من النعيم والجحيم (والملاذ) (٢) والعذاب الأليم؛ بشرت (به) (٣)، وحذرت وأنذرت؛ ودعت إلى فعل الخيرات، واجتناب المنكرات، وزهَّدت في الدنيا، ورغبَّت في الأخرى، وثبتت على (الطريق) (٤) المثلى، وهدت إلى صراط اللّه المستقيم، وشرعه القويم، ونفت عن القلوب رجس الشيطان الرجيم] (٥).

ولهذا ثبت في "الصحيحين" (٦)، عن أبي هريرة أن رسول اللّه قال: " (ما من الأنبياء من نبي) (٧) إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيًا أوحاه اللّه إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" - لفظ مسلم.

وقوله : "وإنما كان الذي أوتيت (وحيًا) (٨)؛ أي: الذي اختصصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر أن يعارضوه، بخلاف غيره من الكتب الإلهية فإنها ليست معجزةً (عند كثير من العلماء) (٩) ". واللّه أعلم.

وله عليه (الصلاة و) (١٠) السلام من الآيات الدالة على نبوَّته وصدقه فيما جاء به ما لا يدخل تحت حصر. وللّه الحمد والمنة.

[وقد قرر بعض المتكلمين الإعجاز بطريق يشمل قول أهل السنة وقول المعتزلة في (الصرفة) (١١)؛ فقال: إن كان هذا القرآن معجزًا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله، ولا في قواهم معارضته، فقد حصل المدعى وهو المطلوب. وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله، ولم يفعلوا ذلك، مع شدة عداوتهم له، كان ذلك دليلًا على أنه من عند اللّه لصرفه إياهم عن معارضته مع قدرتهم على ذلك. وهذه الطريقة، وإن لم تكن مرضيةً؛ لأن القرآن في نفسه معجز، لا يستطيع البشر معارضته كما قررنا، إلا أنها تصلح على سبيل التنزل والمجادلة، والمنافحة عن الحق؛ وبهذه الطريقة أجاب (فخر الدين) (١٢) (الرازي) (١٣) في "تفسيره" (١٤) عن سؤاله في السور القصار كـ"العصر"، و " ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)[الكوثر: ١] "] (١٥).

وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ أما الوقود - بفتح الواو - فهو ما يلقى في النار لأضرامها؛ كالحطب ونحوه، كما قال (تعالى) (١٦): ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ [الجن: ١٥] وقال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ


(١) ساقط من (ن).
(٢) كذا في (ك) و (ن)؛ وفي (ج) و (ل): "المداد".
(٣) من (ن).
(٤) كذا في (ج) و (ك) و (ل)؛ وفي (ن): "الطريقة".
(٥) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ي).
(٦) سبق تخريجه في "فضائل القرآن" (١/ ١٤٦).
(٧) في (ز) و (ن): "ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر" وهو مخالف للفظ مسلم.
(٨) ساقط من (ج) و (ك) و (ل).
(٩) ساقط من (ز).
(١٠) من (ز) و (ن).
(١١) كذا في (ك) و (ن) و (ي)؛ وفي (ج) و (ل): "الصوفية"! ووقع في (هـ) بياض في موضع هذه الكلمة.
(١٢) من (ج) و (ك) و (ل) و (ي).
(١٣) من (ل) و (ن)؛ وفي (ص): "الفخر الرازي".
(١٤) راجع بحثه في "تفسيره" (١/ ١٢٦ - ١٢٨).
(١٥) ساقط من (ز).
(١٦) من (ن).