للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ليس فيه مجازفة ولا كذب ولا افتراء، كما يوجد في أشعار العرب وغيرهم من الأكاذيب والمجازفات التي لا يحسن شعرهم إلا بها؛ كما (يقال) (١) في الشعر: إن أعذبه أكذبه.

وتجد القصيدة الطويلة المديدة قد استعمل غالبها في وصف النساء، أو الخيل، أو الخمر، أو في مدح شخص معين، أو فرس، أو ناقة، أو حرب، أو كائنة (أو سير) (٢) أو مخافة، أو سبع، أو شيء من المشاهدات المتعيِّنة التي لا تقيد شيئًا إلا قدرة المتكلم المعين على (التعبير عن) (٣) الشيء الخفي أو الدقيق، وإبرازه إلى الشيء الواضح. ثم تجد له فيه بيتًا أو بيتين أو أكثر هي بيوت القصيد، وسائرها هذر لا طائل تحته.

وأما القرآن فجميعه فصيح في غاية نهايات البلاغة عند من يعرف ذلك تفصيلًا وإجمالًا ممن فهم كلام العرب وتصاريف التعبير؛ فإنه إن تأملت أخباره وجدتها في غاية الحلاوة سواء كانت مبسوطةً أو وجيزةً، وسواء تكررت أم لا؛ وكلما تكرر حلا وعلا، لا يخلق عن كثرة الرد، ولا يمل منه العلماء؛ وإن أخذ في الوعيد والتهديد جاء منه ما تقشعر منه الجبال الصم الراسيات؛ فما ظنك بالقلوب الفاهمات؛ وإن وعد أتى بما] (٤). [يفتح القلوب والآذان، (ويشوق) (٥) إلى دار السلام، ومجاورة عرش الرحمن؛ كما قال في الترغيب: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)[السجدة: ١٧] وقال: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الزخرف: ٧١].

وقال في الترهيب: ﴿أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ﴾ [الإسراء: ٦٨] ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)[الملك].

وقال في الزجر: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ﴾ [العنكبوت: ٤٠].

وقال في الوعظ: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)[الشعراء].

إلى غير ذلك من أنواع الفصاحة والبلاغة والحلاوة.

وإن جاءت الآيات في الأحكام والأوامر والنواهي اشتملت على الأمر بكل معروف حسن نافع طيب محبوب؛ والنهي عن كل قبيح رذيل دنيءٍ؛ كما قال ابن مسعود وغيره من السلف: إذا سمعت اللّه تعالى يقول في القرآن: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ١٠٤] فأرعها سمعك، فإنها خير يأمر به، أو شر ينهى عنه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ] (٦) [عَنِ الْمُنْكَرِ] (٧) [وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ … ﴾ الآية [الأعراف: ١٥٧]] (٨).


(١) في (ن): "قيل".
(٢) ساقط من (ن).
(٣) ساقط من (ن)؛ وفي (ج): "التعبير على الشيء".
(٤) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ى).
(٥) في (ج): "نوف"!
(٦) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ي).
(٧) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ي).
(٨) ساقط من (ج) و (ل).