للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس وعكرمة: هو اللزج الجيد (١).

وقال قتادة: هو الذي يلزق باليد (٢).

وقوله: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)﴾ أي: بل عجبت يا محمد من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث وأنت مُوقن مصدق بما أخبر الله تعالى من الأمر العجيب وهو إعادة الأجسام بعد فنائها وهم بخلاف أمرك من شدة تكذيبهم ويسخرون مما تقول لهم من ذلك.

قال قتادة: عجب محمد ، وسخر ضُلّال بني آدم (٣) ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً﴾ أي: دلالة واضحة على ذلك ﴿يَسْتَسْخِرُونَ﴾.

قال مجاهد وقتادة: يستهزئون (٤) ﴿وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥)﴾ أي: إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧)﴾ يستبعدون ذلك ويكذبون به

﴿قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (١٨)﴾ أي: قل لهم يا محمد نعم تبعثون يوم القيامة بعدما تصيرون ترابًا وعظامًا وأنتم داخرون؛ أي: حقيرون تحت القدرة العظيمة كما قال تعالى: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: ٨٧]. وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠].

ثم قال: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)﴾ أي: فإنما هو أمر واحد من الله ﷿، يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض، فإذا هم بين يديه ينظرون إلى أهوال يوم القيامة.

﴿وَقَالُوا يَاوَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)﴾.

يخبر تعالى عن قيل الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا، فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كلَّ الندم حيث لا ينفعهم الندم ﴿وَقَالُوا يَاوَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠)﴾ فتقول الملائكة والمؤمنون: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١)﴾ وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم ولهذا قال تعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾.


= سعيد بن جبير أخرجه الطبري بسند حسن من طريق مسلم البطين عنه عن ابن عباس، وقول الضحاك أخرجه البُستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عنه.
(١) قول ابن عباس تقدم في الرواية السابقة، وقول عكرمة أخرجه أبو الشيخ (العظمة رقم ١٠١٧)، والطبري كلاهما بسند حسن من طريق سماك بن حرب عنه.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري أيضًا بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.