للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)[الناس]، ولهذا ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢)﴾ أي: أأنت تصدق بالبعث والنشور والحساب والجزاء؟ يعني: يقول ذلك على وجه التعجب والتكذيب والاستبعاد والكفر والعناد.

﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣)﴾ قال مجاهد والسدي: لمحاسبون (١).

وقال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي: لمجزيون بأعمالنا (٢). وكلاهما صحيح قال تعالى: ﴿قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤)﴾ أي: مشرفون يقول المؤمن لأصحابه وجلسائه من أهل الجنة: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥)﴾.

قال ابن عباس وسعيد بن جبير وخُليد العَصَري وقتادة والسدي وعطاء الخراساني: يعني: في وسط الجحيم (٣).

وقال الحسن البصري: في وسط الجحيم (٤) كأنه شهاب يتقد.

وقال قتادة: ذُكر لنا: أنه اطلع فرأى جماجم القوم تغلي، وذُكر لنا أن كعب الأحبار قال في الجنة كوى (٥) إذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع (٦) فيها فازداد شكرًا ﴿قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦)﴾ يقول المؤمن مخاطبًا للكافر: والله إن كدت لتهلكني لو أطعتك ﴿وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧)﴾ أي: ولولا فضل الله عليّ لكنتُ مثلك في سواء الجحيم حيث أنت محضر معك في العذاب ولكنه تفضل عليّ ورحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده ﴿وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣].

وقوله تعالى: ﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩)﴾ هذا من كلام المؤمن مغبطًا نفسه لما أعطاه الله تعالى من الخلد في الجنة والإقامة في دار الكرامة بلا موت فيها ولا عذاب ولهذا قال: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠)﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبد الله الظهراني، حدثنا حفص بن عمر العدني، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة قال: قال ابن عباس: [في قول الله لأهل الجنة: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩)[الطور]، قال ابن عباس :] (٧) قوله: ﴿هَنِيئًا﴾ أي: لا


(١) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي، وأخرجه أيضًا بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس.
(٣) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه، وقول خُليد العَصَري أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق قتادة عنه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن خُليد، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه، وقول عطاء الخراساني أخرجه البُستي بسند حسن من طريق معمر عنه.
(٤) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عباد بن راشد عن الحسن.
(٥) أي: فتحه.
(٦) أخرجه البستي من طريق قتادة عن كعب الأحبار، وسنده منقطع بين قتادة وكعب.
(٧) زيادة من (حم) و (مح).