للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يموتون فيها فعندها قالوا: ﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩)(١).

[وقال الحسن البصري: علموا أن كل نعيم فإن الموت يقطعه فقالوا: ﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩)﴾] (٢) قيل: لا ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠)﴾.

وقوله: ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)﴾ قال قتادة هذا من كلام أهل الجنة (٣).

وقال ابن جرير: هو من كلام الله تعالى ومعناه: لمثل هذا النعيم وهذا الفوز فليعمل العاملون في الدنيا ليصيروا إليه في الآخرة (٤)، وقد ذكروا قصة رجلين كانا شريكين في بني إسرائيل تدخل في ضمن عموم هذه الآية الكريمة.

قال أبو جعفر بن جرير: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، حدثنا عتاب بن بشير، عن خُصيف، عن فرات بن ثعلبة البهراني في قوله: ﴿إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾ قال: إن رجلين كانا شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار، وكان أحدهما له حرفة والآخر ليس له حرفة، فقال الذي له حرفة للآخر: ليس عندك حرفة ما أراني إلا مفارقك ومقاسمك، فقاسمه وفارقه، ثم إن الرجل اشترى دارًا بألف دينار كانت لملك مات، فدعا صاحبه فأراه فقال: كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار؟ قال: ما أحسنها، فلما خرج قال: اللَّهم إن صاحبي هذا ابتاع هذه الدار بألف دينار، وإني أسألك دارًا من دور الجنة فتصدق بالف دينار، ثم مكث ما شاء الله تعالى أن يمكث، ثم إنه تزوج بامرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعامًا فلما أتاه قال: إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار. قال: ما أحسن هذا فلما انصرف قال: يا ربِّ إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار، وإني أسألك امرأة من الحور العين فتصدق بألف دينار، ثم إنه مكث ما شاء الله تعالى أن يمكث ثم اشترى بستانين بالفي دينار ثم دعاه فأراه، فقال: إني ابتعت هذين البستانين بألفي دينار، قال: ما أحسن هذا، فلما خرج قال: يا ربِّ إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار، وأنا أسألك بستانين في الجنة فتصدق بألفي دينار، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما ثم انطلق بهذا المتصدق، فأدخله دارًا تعجبه وإذا بامرأةٍ تطلع يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله بستانين وشيئًا الله به عليم، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا. قال: فإنه ذاك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة، قال: فإنه كان لي صاحب يقول: أئنك لمن المصدقين، قيل له: فإنه في الجحيم. قال: هل أنتم مطلعون؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم فقال عند ذلك: ﴿قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧)﴾ الآيات (٥).

قال ابن جرير: وهذا يقوي قراءة من قرأ "أئنك لمن المصَّدقِّين" بالتشديد (٦).


(١) سنده ضعيف لضعف حفص بن عمر العدني كما في التقريب.
(٢) زيادة من (حم) و (مح).
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) ذكره الطبري بنحوه.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، والرواية من الإسرائيليات كما صرح السدي في الرواية الآتية.
وأخرجه البُستي بسند حسن من طريق معمر عن عطاء الخراساني وفيه سبب نزول الآية، فهو مرسل.
(٦) وهي قراءة شاذة تفسيرية، وقد ذكر الطبري تفسيرها بمعنى: لمن المتصدقين.