للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عمرو بن عبد الرحمن الأبار، أخبرنا أبو حفص قال: سألت إسماعيل السدي عن هذه الآية ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢)﴾ قال: فقال لي: ما ذكرك هذا؟ قلت: قرأته آنفًا فأحببت أن أسألك عنه فقال: أما فاحفظ، كان شريكان في بني إسرائيل أحدهما مؤمن والآخر كافر، فافترقا على ستة آلاف دينار لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار ثم افترقا فمكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك؟ أضربت (١) به شيئًا أتجرت في شيء؟ فقال له المؤمن: لا، فما صنعت أنت؟ فقال: اشتريت به أرضًا ونخلًا وثمارًا وأنهارًا بألف دينار، قال: فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: نعم، قال: فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال: اللَّهم إن فلانًا - يعني: شريكه الكافر - اشترى أرضًا ونخلًا وثمارًا وأنهارًا بألف دينار ثم يموت غدًا ويتركها اللَّهم إني اشتريت منك بهذه الألف دينار أرضًا ونخلًا وثمارًا وأنهارًا في الجنة، قال: ثم أصبح فقسمها في المساكين، قال: ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك أضربت به في شيء؟ أتجرت به في شيء؟ قال: لا. قال: فما صنعت أنت؟ قال: كانت ضيعتي قد اشتد علي مؤنتها فاشتريت رقيقًا بألف دينار يقومون لي فيها ويعملون لي فيها، فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: نعم، قال: فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال اللَّهم إن فلانًا - يعني: شريكه الكافر - اشترى رقيقًا من رقيق الدنيا بألف دينار يموت غدًا فيتركهم أو يموتون فيتركونه، اللَّهم إني اشتريت منك بهذه الألف الدينار رقيقًا في الجنة، قال: ثم أصبح فقسمها في المساكين، قال: ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك أضربت به في شيء؟ أتجرت به في شيء؟ قال: لا، فما صنعت أنت؟ قال: كان أمري كله قد تمَّ إلا شيئًا واحدًا فلانة قد مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها ومثلها معها فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: نعم. قال: فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف الدينار الباقية فوضعها بين يديه وقال: اللَّهم إن فلانًا - يعني شريكه الكافر - تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار فيموت غدًا فيتركها أو تموت غدًا فتتركه اللَّهم وإني أخطب إليك بهذه الألف الدينار حوراء عيناء في الجنة، قال: ثم أصبح فقسمها بين المساكين، قال: فبقي المؤمن ليس عنده شيء. قال: فلبس قميصًا من قطن وكساء من صوف ثم أخذ مَرًّا (٢) فجعله على رقبته يعمل الشيء ويحفر الشيء بقوته.

قال: فجاءه رجل فقال له: يا عبد الله أتؤاجرني نفسك مشاهرة شهرًا بشهر تقوم على دواب لي تعلفها وتكنس سرقينها؟ قال: أفعل. قال: فواجره نفسه مشاهرة شهرًا بشهر يقوم على دوابه، قال: وكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه، فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ثم يقول له: سرقت شعير هذه البارحة. قال: فلما رأى المؤمن هذه الشدة قال: لآتين شريكي الكافر فلأعملنَّ في أرضه فليطعمني هذه الكسرة يومًا بيوم ويكسوني هذين الثوبين إذا


(١) أي: أكسبت به شيئًا.
(٢) أي: حبلًا.