للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن الله خيرني بين أن يغفر لنصف أُمتي وبين أن يجيب شفاعتي فاخترت شفاعتي، ورجوت أن تكونَ أعمّ لأمتي، ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لتعجلت فيها دعوتي، إن الله تعالى لما فرَّج عن إسحاق كرب الذبح قيل له: يا إسحاق سل تعط؟ فقال: أما والذي نفسي بيده لأتعجلنها قبل نزغات الشيطان، اللَّهم من مات لا يشرك بك شيئًا فاغفر له وأدخله الجنة" (١) هذا حديث غريب منكر وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف الحديث وأخشى أن يكون في الحديث زيادة مدرجة وهي قوله: إن الله تعالى لما فرَّج عن إسحاق إلى آخره، والله أعلم. فهذا إن كان محفوظًا فالأشبه أن السياق إنما هو عن إسماعيل وإنما حرَّفوه بإسحاق حسدًا منهم كما تقدم وإلا فالمناسك والذبائح إنما محلها بمنى من أرض مكة حيث كان إسماعيل لا إسحاق فإنه إنما كان ببلاد كنعان من أرض الشام.

وقوله تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ أي: قد حصل المقصود من رؤياك واضجاعك ولدك للذبح.

وذكر السدي وغيره أنه أمرَّ السكين على رقبته فلم تقطع شيئًا بل حال بينهما وبينه صفحة من نحاس، ونودي إبراهيم عند ذلك: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ (٢).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ أي: هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد ونجعل لهم من أمرهم فرجًا ومخرجًا كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)[الطلاق].

وقد استدل بهذه الآية والقصة جماعة من علماء الأصول على صحة النسخ قبل التمكن من الفعل خلافًا لطائفة من المعتزلة، والدلالة من هذه ظاهرة لأن الله تعالى شرع لإبراهيم ذبح ولده ثم نسخه عنه وصرفه إلى الفداء، وإنما كان المقصود من شرعه أولًا: إثابة الخليل على الصبر على ذبح ولده وعزمه على ذلك ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦)﴾ أي: الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلمًا لأمر الله تعالى منقادًا لطاعته ولهذا قال تعالى: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)[النجم].

وقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)﴾ قال سفيان الثوري: عن جابر الجعفي، عن أبي الطُفيل، عن علي ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)﴾ قال بكبش: أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة قال أبو الطفيل: وجدوه مربوطًا بسمرة في ثبير (٣) (٤).

وقال الثوري أيضًا: عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس


(١) سنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي مطولًا والخبر من الإسرائيليات.
(٣) أي: شجرة على جبل اسمه: ثبير، وهو من جبال مكة.
(٤) أخرجه الطبري من طريق الثوري به، وسنده ضعيف لضعف جابر الجعفي.