للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذبيح روايتان والأظهر عنه إسماعيل لما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

وقال محمد بن إسحاق: عن الحسن بن دينار، عن قتادة، عن جعفر بن إياس، عن ابن عباس في قوله : ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)﴾ قال: خرج عليه كبش من الجنة قد رعى قبل ذلك أربعين خريفًا، فأرسل إبراهيم ابنه واتبع الكبش، فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات ثم أفلته عندها فجاء إلى الجمرة الوسطى فأخرجه عندها فرماه بسبع حصيات ثم أفلته فأدركه عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات فأخرجه عندها ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه، فوالذي نفس ابن عباس بيده لقد كان أول الإسلام وأن رأس الكبش لمعلق بقرنيه في ميزاب الكعبة حتى وحش يعني: يبس (١).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، أخبرنا القاسم قال: اجتمع أبو هريرة وكعب فجعل أبو هريرة يحدث عن النبي فجعل كعب يحدث عن الكتب فقال أبو هريرة : قال النبي : "إن لكل نبي دعوة مستجابة وإني قد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" فقال له كعب: أنت سمعت هذا من رسول الله ؟ قال: نعم. قال: فداك أبي وأُمي - أو فداه أبي وأُمي - أفلا أخبرك عن إبراهيم ؟ إنه لما أري ذبح ابنه إسحاق قال الشيطان: إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبدًا، فخرج إبراهيم بابنه ليذبحه فذهب الشيطان فدخل على سارة فقال: أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت: غدا به لبعض حاجته. قال: فإنه لم يغد به لحاجة إنما ذهب به ليذبحه. قالت: ولم يذبحه؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك قالت: فقد أحسن أن يطيع ربه، فذهب الشيطان في أثرهما، فقال للغلام: أين يذهب بك أبوك؟ قال: لبعض حاجته. قال: فإنه لا يذهب بك لحاجة ولكنه يذهب بك ليذبحك. قال: ولم يذبحني؟ قال: يزعم أن ربه أمره بذلك. قال: فواللهِ لئن كان الله تعالى أمره بذلك ليفعلن. قال: فيئس منه، فتركه ولحق بإبراهيم فقال: أين غدوت بابنك؟ قال: لحاجة. قال: فإنك لم تغد به لحاجة وإنما غدوت به لتذبحه قال: ولم أذبحه؟ قال: تزعم أن ربك أمرك بذلك؟ قال: فوالله لئن كان الله تعالى أمرني بذلك لأفعلن. قال: فتركه ويئس أن يطاع (٢)، وقد رواه ابن جرير، عن يونس، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن يزيد، عن ابن شهاب قال: إن عمرو بن أبي سفيان بن أُسيد بن جارية الثقفي أخبره أن كعبًا قال لأبي هريرة: فذكره بطوله، وقال في آخره: وأوحى الله تعالى إلى إسحاق: إني أعطيتك دعوة أُستجيب لكَ فيها. قال إسحاق: اللَّهم إني أدعوك أن تستجيب لي أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئًا فأدخله الجنة (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم،


(١) أخرجه الطبري عن ابن حميد عن سلمة عن ابن إسحاق به، وسنده ضعيف لعدم تصريح ابن إسحاق بالسماع، وضعف ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في (التفسير والمصنف رقم ٢٠٨٦٤) وسنده صحيح وما ذكره كعب الأحبار هو من الإسرائيليات.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، والخبر أيضًا من الإسرائيليات.