للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله : "رؤيا الأنبياء في المنام وحي" (١). ليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه وليختبر صبره وجلده وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى وطاعة أبيه.

﴿قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ أي: امض لما أمرك الله من ذبحي ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ أي: سأصبر وأحتسب ذلك عند الله ﷿، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥٤) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥)[مريم].

وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣)﴾ أي: فلما تشهدا وذكرا الله تعالى: إبراهيم على الذبح والولد شهادة الموت، وقيل: أسلما يعني استسلما وانقادا، إبراهيم امتثل أمر الله تعالى وإسماعيل طاعة لله ولأبيه قاله مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن إسحاق وغيرهم (٢)، ومعنى ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أي: صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ليكون أهون عليه. قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ أكبّه على وجهه (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا سُريج ويونس قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس أنه قال: لما أمر إبراهيم بالمناسك عرض له الشيطان عند السعي فسابقه فسبقه إبراهيم ، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات ثم ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات، ثم تلَّه للجبين وعلى إسماعيل قميص أبيض فقال: يا أبتِ إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره فاخلعه حتى تكفني فيه، فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه: ﴿أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ فالتفت إبراهيم فإذا بكبش أبيض أقرن أعين قال ابن عباس: لقد رأيتنا نتتبع ذلك الضرب من الكباش، وذكر تمام الحديث في المناسك بطوله (٤). ثم رواه أحمد بطوله من يونس، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره إلا أنه قال: إسحاق (٥). فعن ابن عباس في تسمية


(١) في سنده سماك وفي روايته عن عكرمة اضطراب فتارة رفعه كما هنا وتارة رواه موقوفًا على ابن عباس وهكذا رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٣١) وعليه فالرفع ضعيف. والوقف صحيح.
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي، وأخرجه الطبري بسند ضعيف عن عكرمة وابن إسحاق.
(٣) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عنه ويتقوى بالآثار التالية فقد أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه وأطول (المسند ٤/ ٤٣٨ ح ٢٧٠٧)، قال محققوه: رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي عاصم الغنوي فقد روى له أبو داود، وقال أبو حاتم: لا أعرف اسمه ولا أعرفه .. ولمعظم هذا الحديث طرق وشواهد يتقوى بها.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٥/ ١٢ ح ٢٧٩٤) وضعف سنده محققوه.