للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق وذكره (١)، كذا كتبته من نسخة [مغلوطة] (٢)، وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١)﴾ فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى: ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ [الذاريات: ٢٨] وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي؛ أي: العمل، ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضًا. قال: وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد الشام. قال: وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك. هذا ما اعتمد عليه في تفسيره، وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم بل هو بعيد جدًا والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢)﴾ لما تقدمت البشارة بالذبيح وهو إسماعيل عطف بذكر البشارة بأخيه إسحاق وقد ذكرت في سورتي هود والحجر (٣).

وقوله تعالى: ﴿نَبِيًّا﴾ حال مقدرة؛ أي: سيصير منه نبي صالح.

وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، عن داود، عن عكرمة قال: قال ابن عباس الذبيح إسحاق قال: وقوله تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢)﴾ قال بشَّر بنبوته قال، وقوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)[مريم]، قال: كان هارون أكبر من موسى ولكن أراد وهب له نبوته (٤).

وحدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت داود يحدث، عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢)﴾ قال: إنما بشر به نبيًا حين فداه الله من الذبح ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان الثوري، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢)﴾ قال: بشر به حين ولد وحين نُبئ (٦).

وقال سعيد بن أبي عروبة: عن قتادة في قوله تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢)﴾ قال: بعد ما كان أمره لما جاد لله تعالى بنفسه. وقال الله: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ﴾ (٧).

وقوله: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣)﴾ كقوله تعالى: ﴿قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٨)[هود].


(١) سنده ضعيف لإبهام شيخ الأُموي.
(٢) كذا في نسخة (مح) وفي (حم) بلفظ: "كذا"، ولم تذكر هذه الكلمة في الأصل.
(٣) في الآية ٧١ من سورة هود، وفي الآية ٥٣ من سورة الحجر.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٦) سنده حسن.
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.