للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زيد (١)، ولهذا قال : ﴿وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ﴾ أي: الذين نسبوا إليهم ذلك ﴿إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ أي: إن الذين قالوا: ذلك لمحضرون في العذاب يوم الحساب لكذبهم في ذلك وافترائهم وقولهم الباطل بلا علم.

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا﴾ قال: زعم أعداء الله أنه هو وإبليس أخوان (٢) تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، حكاه ابن جرير.

وقوله: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩)﴾ أي: تعالى وتقدس وتنزه عن أن يكون له ولد وعما يصفه به الظالمون الملحدون علوًا كبيرًا.

قوله تعالى: ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠)﴾ استثناء منقطع وهو من مثبت إلا أن يكون الضمير قوله تعالى: ﴿عَمَّا يَصِفُونَ﴾ عائد إلى الناس جميعهم ثم استثنى منهم المخلصين وهم المتبعون للحق المنزل على كل نبي مرسل، وجعل ابن جرير هذا الاستثناء من قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠)﴾ وفي هذا الذي قاله نظر.

﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)﴾.

يقول تعالى مخاطبًا للمشركين: ﴿فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)﴾ أي: إنما ينقاد لمقالتكم وما أنتم عليه من الضلالة والعبادة الباطلة من هو أضل منكم ممن ذرئ للنار ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩]، فهذا الضرب من الناس هو الذي ينقاد لدين الشرك والكفر والضلالة كما قال : ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩)[الذاريات] أي: إنما يضل به من هو مأفوك ومبطل.

ثم قال منزهًا للملائكة مما نسبوا إليهم من الكفر بهم والكذب عليهم أنهم بنات الله: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤)﴾ أي: له موضع مخصوص في السماوات ومقامات العبادات لا يتجاوزه ولا يتعداه.

وقال ابن عساكر في ترجمته لمحمد بن خالد بسنده إلى عبد الرحمن بن العلاء بن سعد، عن أبيه وكان بايع يوم الفتح أن رسول الله قال يومًا لجلسائه: "أطّت السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد" ثم قرأ ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)(٣).


(١) قول قتادة أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه عمرو بن سعيد الأبح وهو ضعيف، ويتقوى بسابقه ولاحقه، فقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٣) أسنده الحافظ ابن كثير في تفسير سورة المدثر آية رقم ٣١ من رواية المروزي، وهي في كتاب (تعظيم قدر الصلاة رقم ٢٥٥) وسنده ضعيف جدًا لأن محمد بن خالد وهو الدمشقي كذبه أبو حاتم الرازي (ينظر لسان =