للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويملكون بها العجم" فقال أبو جهل لعنه الله من بين القوم: ما هي وأبيك لنعطينكها وعشرًا أمثالها قال : "تقولون: لا إله إلا الله" فنفروا وقالوا: سلنا غيرها قال : "لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها" فقاموا من عنده غضابًا وقالوا: والله لنشتمك وإلهك الذي أمرك بهذا ﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦)﴾ ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وزاد: فلما خرجوا دعا رسول الله عمَّه إلى قوله: لا إله إلا الله، فأبى وقال: بل على دين الأشياخ ونزلت ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦] (١).

قال أبو جعفر بن جرير: حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا: حدثنا أبو أُسامة، حدثنا الأعمش، حدثنا عباد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول، فلو بعثت إليه فنهيته فبعث إليه فجاء النبي فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل. قال: فخشي أبو جهل - لعنه الله - إن جلس إلى جنب أبي طالب أن يكون أرقّ له عليه، فوثب فجلس في ذلك المجلس ولم يجد رسول الله مجلسًا قرب عمِّه فجلس عند الباب، فقال له أبو طالب: أي: ابن أخي ما بال قومك يشكونك ويزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول؟ قال: وأكثروا عليه من القول وتكلم رسول الله فقال: "يا عمِّ إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية" ففزعوا لكلمته ولقوله فقال القوم: كلمة واحدة نعم وأبيك عشرًا فقالوا: وما هي؟ وقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال : "لا إله إلا الله" فقاموا: فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)﴾ قال: ونزلت من هذا الموضع إلى قوله: ﴿بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ﴾ لفظ أبي كريب (٢). وهكذا رواه الإمام أحمد والنسائي من حديث محمد بن عبد الله بن نمير كلاهما عن أبي أُسامة، عن الأعمش، عن عبَّاد غير منسوب به نحوه، ورواه الترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير أيضًا كلهم في تفاسيرهم من حديث سفيان الثوري، عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة الكوفي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس … فذكر نحوه. وقال الترمذي: حسن (٣).

وقولهم: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ﴾ أي: ما سمعنا بهذا الذي يدعونا إليه محمد من التوحيد في الملَّة الآخرة.

قال مجاهد وقتادة وابن زيد: يعنون دين قريش (٤)، وقال غيرهم: يعنون النصرانية قاله


(١) أخرجه الطبري وسنده مرسل ولبعضه شاهد، أخرجه ابن حبان (موارد الظمآن، كتاب التفسير، سورة ص رقم ١٧٥٧)، والحاكم كلاهما من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٣٢)، وأخرجه الإمام أحمد، وصحح سنده أحمد شاكر (المسند رقم ٢٠٠٨).
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لجهالة عباد بن جعفر ويشهد لبعضه ما تقدم في روايته الإمام أحمد والحاكم.
(٣) سنن الترمذي، التفسير، باب ومن سورة ص (ح ٣٢٣٢)، والسنن الكبرى، التفسير رقم ٤٥٦، وتفسير الطبري ورواية الإمام تقدم ذكرها في الرواية السابقة.
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.