للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم: يعني: طرق السماء (١).

وقال الضحاك: فليصعدوا إلى السماء السابعة (٢).

ثم قال: ﴿جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (١١)﴾ أي: هؤلاء الجند المكذبون الذين هم في عزة وشقاق سيهزمون ويغلبون ويُكبتون كما كُبت الذين من قبلهم من الأحزاب المكذبين، وهذه كقوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)﴾ كان ذلك يوم بدر ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦)[القمر].

﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (١٤) وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥) وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن هؤلاء القرون الماضية وما حل بهم من العذاب والنكال والنقمات في مخالفة الرسل وتكذيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقد تقدمت قصصهم مبسوطة في أماكن متعددة.

وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ﴾ أي: كانوا أكثر منكم وأشد قوة وأكثر أموالًا وأولادًا فما دفع ذلك عنهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك ولهذا قال: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (١٤)﴾ فجعل علة إهلاكهم هو تكذيبهم بالرسل ليحذر المخاطبون من ذلك أشد الحذر.

وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)﴾ قال مالك، عن زيد بن أسلم: أي ليس لها مثنوية (٣)؛ أي: ما ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتةً فقد جاء أشراطها؛ أي: فقد اقتربت ودنت وأزفت، وهذه الصيحة هي: نفخة الفزع التي يأمر الله تعالى إسرافيل أن يطولها فلا يبقى أحد من أهل السماوات والأرض إلا فزع إلا من استثنى الله ﷿.

وقوله: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)﴾ هذا إنكار من الله تعالى على المشركين في دعائهم على أنفسهم بتعجيل العذاب، فإن القط هو الكتاب، وقيل: هو الحظ والنصيب. قال ابن عباس ومجاهد والضحاك والحسن غير واحد: سألوا تعجيل العذاب (٤)، زاد قتادة كما قالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (٥) [الأنفال: ٣٢].

وقيل: سألوا تعجيل نصيبهم من الجنة (٦) إن كانت موجودة ليلقوا ذاك في الدنيا، وإنما خرج هذا منهم مخرج الاستبعاد والتكذيب.


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وأخرجه الطبري وآدم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري.
(٣) سنده صحيح، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وأخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الثوري عن أشعث عن الحسن.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بنحوه.
(٦) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق ثابت الحداد عن سعيد بن جبير.