للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خير منها، وهي الريح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب غدوها شهر ورواحها شهر، فهذا أسرع وخير من الخيل (١).

قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة وأبي الدهماء وكانا يكثران السفر نحو البيت قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال لنا البدوي: أخذ بيدي رسول الله فجعل يعلمني مما علمه الله تعالى وقال: "إنك لا تدع شيئًا اتقاء الله تعالى إلا أعطاك الله ﷿ خيرًا منه" (٢).

﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (٣٤) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (٣٦) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٣٨) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠)﴾.

يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ﴾ أي: اختبرناه بأن سلبناه الملك ﴿وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم يعني: شيطانًا (٣) ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ أي: رجع إلى ملكه وسلطانه وأُبهته.

قال ابن جرير: وكان اسم ذلك الشيطان صخرًا، قاله ابن عباس وقتادة (٤).

وقيل: آصف، قاله مجاهد (٥).

وقيل: آصر، قاله مجاهد أيضًا (٦).

وقيل: حبقيق، قاله السدي (٧)، وقد ذكروا هذه القصة مبسوطة ومختصرة.

وقد قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قال: أمر سليمان ببناء بيت المقدس فقيل له: ابنه ولا يسمع فيه صوت حديد، قال: فطلب ذلك فلم يقدر عليه، فقيل: إن شيطانًا في البحر يقال له: صخر شبه المارد. قال: فطلبه وكانت في البحر عين يردها في كل سبعة أيام مرة فنزع ماءها وجعل فيها خمرًا فجاء يوم وروده فإذا هو بالخمر. فقال: إنك لشراب


(١) ولكن ما قاله الطبري هو الصحيح الذي استند على رواية الصحابي الجليل بن عباس ، وأما القول الآخر فمشهور في كتب أهل الكتاب.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٤/ ٣٤٢ ح ٢٠٧٣٨)، وصحح سنده محققوه، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ١٠/ ٢٩٦).
(٣) قول ابن عباس: أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عنه، ويتقوى برواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بلفظ: "صخر الجنِّي" أخرجها الطبري أيضًا، وأخرجه الطبري أيضًا بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري أيضًا بسند صحيح من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير، وأخرجه الطبري أيضًا بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري بالسندين المتقدمين عنهما.
(٥) أخرجه الطبري بالسند المتقدم.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي في خبر طويل في آخره.