للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قصصهم وأخبارهم مستقصاة في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما أغنى عن إعادته ههنا.

وقوله: ﴿هَذَا ذِكْرٌ﴾ أي: هذا فصل فيه ذكر لمن يتذكر، قال السدي: يعني القرآن (١).

﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (٥٢) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (٥٣) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)﴾.

يخبر تعالى عن عباده المؤمنين السعداء أن لهم في الدار الآخرة لحسن مآب وهو المرجع والمنقلب ثم فسره بقوله: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ أي: جنات إقامة مفتحة لهم الأبواب والألف واللام ههنا بمعنى الإضافة كأنه يقول: مفتحة لهم أبوابها؛ أي: إذا جاءوها فتحت لهم أبوابها.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد [بن ثواب] (٢) الهباري، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبد الله بن مسلم يعني: ابن هرمز، عن ابن سابط، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : "إن في الجنة قصرًا يقال له: عدن حوله البروج والمروج له خمسة آلاف باب عند كل باب خمسة آلاف حبرة لا يدخله - أو لا يسكنه - إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عدل" (٣). وقد ورد في ذكر أبواب الجنة الثمانية أحاديث كثيرة من وجوه عديدة.

وقوله: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا﴾ قيل: متربعين على سرر تحت الحجال ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ أي: مهما طلبوا وجدوا وأحضر كما أرادوا ﴿وَشَرَابٍ﴾ أي: من أي أنواعه شاؤوا أتتهم به الخدام ﴿بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨)[الواقعة].

﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ أي: عن غير أزواجهن فلا يلتفتن إلى غير بعولتهن ﴿أَتْرَابٌ﴾ أي: متساويات في السن والعمر هذا معنى قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والسدي (٤).

﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (٥٣)﴾ أي: هذا الذي ذكرنا من صفة الجنة هي التي وعدها لعباده المتقين التي يصيرون إليها بعد نشورهم وقيامهم من قبورهم وسلامتهم من النار.

ثم أخبر عن الجنة أنه لا فراغ لها ولا زوال ولا انقضاء ولا انتهاء فقال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)﴾ كقوله تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ [النحل: ٩٦]، وكقوله: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] وكقوله: ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [فصلت: ٨] أي: غير مقطوع وكقوله: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ [الرعد: ٣٥]، والآيات في هذا كثيرة جدًا.


(١) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٢) زيادة من (حم) و (مح).
(٣) سنده ضعيف لضعف عبد الله بن مسلم بن هرمز (التقريب ص ٣٢٣).
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "الأمثال"، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.