للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أقبلت التي بعدها مع الخزنة من الزبانية ﴿هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ﴾ أي: داخل ﴿مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ﴾ أي: لأنهم من أهل جهنم

﴿قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ﴾ أي: فيقول لهم الداخلون ﴿بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا﴾ أي: دعوتمونا إلى ما أفضى بنا إلى هذا المصير ﴿فَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾ أي: فبئس المنزل والمستقر والمصير

﴿قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ (٦١)﴾ كما [قال: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾] (١) قال: ﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨] أي لكل منكم عذاب بحسبه

﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (٦٣)﴾ هذا إخبار عن الكفار في النار أنهم يفقدون رجالًا كانوا يعتقدون أنهم على الضلالة وهم المؤمنون في زعمهم قالوا: ما لنا لا نراهم معنا في النار؟

قال مجاهد: هذا قول أبي جهل يقول: ما لي لا أرى بلالًا وعمارًا وصهيبًا (٢) وفلانًا وفلانًا، وهذا ضرب مثل وإلا فكل الكفار هذا حالهم يعتقدون أن المؤمنين يدخلون النار، فلما دخل الكفار النار افتقدوهم فلم يجدوهم فقالوا: ﴿مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا﴾ أي: في الدار الدنيا ﴿أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾؟ يُسَلون أنفسهم بالمحال يقولون أو لعلهم معنا في جهنم ولكن لم يقع بصرنا عليهم، فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات وهو قوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٤٤)﴾ إلى قوله: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف: ٤٤ - ٤٩].

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤)﴾ أي: إن هذا الذي أخبرناك به يا محمد من تخاصم أهل النار بعضهم في بعض ولعن بعضهم لبعض لحق لا مرية فيه ولا شك.

﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠)﴾.

يقول تعالى آمرًا رسوله أن يقول للكفار بالله المشركين به المكذبين لرسوله إنما أنا منذر لست كما تزعمون ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ أي: هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه

﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ أي: هو مالك جميع ذلك ومتصرف فيه ﴿الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ أي: غفار مع عظمته وعزته.

﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧)﴾ أي: خبر عظيم وشأن بليغ وهو إرسال الله تعالى إياي إليكم ﴿أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨)﴾ أي: غافلون، قال مجاهد وشريح القاضي والسدي في قوله: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧)﴾ يعني: القرآن (٣).


(١) زيادة من (حم) و (مح).
(٢) أخرجه الطبري بسند رجاله ثقات بنحوه لكنه مرسل.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق =