للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الملك: فإنكما قد حكمتما على أنفسكما؛ يعني: أن الجسد للروح كالمطية وهي راكبة (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا جعفر بن أحمد بن عوسجة، حدثنا ضرار، حدثنا أبو سلمة الخزاعي، حدثنا منصور بن سلمة، حدثنا القمي يعني: يعقوب بن عبد الله، عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: نزلت هذه الآية وما نعلم في أي شيء نزلت ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)﴾ قال: قلنا من نخاصم؟ ليس بيننا وبين أهل الكتاب خصومة فمن نخاصم؟ حتى وقعت الفتنة فقال ابن عمر: هذا الذي وعدنا ربنا ﷿ نختصم فيه (٢)، ورواه النسائي، عن محمد بن عامر، عن منصور بن سلمة به (٣).

وقال أبو العالية في قوله : ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)﴾ قال: يعني أهل القبلة (٤).

وقال ابن زيد: يعني أهل الإسلام وأهل الكفر، وقد قدمنا أن الصحيح العموم، والله أعلم (٥).

﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)﴾.

يقول تعالى مخاطبًا المشركين الذين افتروا على الله وجعلوا معه آلهة أخرى وادعوا أن الملائكة بنات الله وجعلوا لله ولدًا تعالى عن قولهم علوًا كبيرًا، ومع هذا كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولهذا قال: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ﴾ أي: لا أحد أظلم من هذا لأنه جمع بين طرفي الباطل: كذب على الله وكذب رسول الله، قالوا الباطل وردُّوا الحق ولهذا قال متوعدًا لهم: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ وهم الجاحدون المكذبون.

ثم قال: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ قال مجاهد وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد: الذي جاء بالصدق هو الرسول (٦).

وقال السدي: هو جبريل ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ يعني: محمدًا (٧).


(١) كتاب "الروح" لابن مندة من الكتب التي لم أعثر عليها وقد أفاد منه العلامة: ابن قيم الجوزية في كتابه "الروح".
(٢) أخرجه الحاكم من طريق القاسم بن عوف الشيباني عن ابن عمر نحوه، وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٤/ ٥٧٢) ونسبه الهيثمي إلى الطبراني وقال: رجاله ثقات (مجمع الزوائد ٧/ ١٠٠).
(٣) السنن الكبرى رقم ١١٤٤٧.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر بن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه أيضًا الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب بن عبد الرحمن بن زيد.
(٧) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.