للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ﴾ قال: من جاء بلا إله إلا الله ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ يعني: رسول الله (١).

وقرأ الربيع بن أنس "والذين جاءوا بالصدق" (٢) يعني: الأنبياء ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ يعني: الأتباع.

وقال ليث بن أبي سُليم، عن مجاهد ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ قال: أصحاب القرآن المؤمنون يجيئون يوم القيامة فيقولون: هذا ما أعطيتمونا فعملنا فيه بما أمرتمونا (٣). وهذا القول عن مجاهد يشمل كل المؤمنين فإن المؤمنين يقولون الحق ويعملون به والرسول أولى الناس بالدخول في هذه الآية على هذا التفسير فإنه جاء بالصدق وصدق المرسلين وآمن بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ﴾ هو رسول الله : ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ قال المسلمون: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ (٤).

قال ابن عباس: اتقوا الشرك (٥). ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ يعني: في الجنة مهما طلبوا وجدوا ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)﴾ كما قال في الآية الأخرى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦)[الأحقاف].

﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (٣٧) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٤٠)﴾.

يقول تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ وقرأ بعضهم "عباده" (٦)؛ يعني: أنه تعالى يكفي من عبده وتوكل عليه.

وقال ابن أبي حاتم ههنا: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب، حدثنا عمي، حدثنا أبو هانئ، عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي، عن فضالة بن عبيد الأنصاري أنه سمع رسول الله يقول: "أفلح من هُدِيَ إلى الإسلام وكان عيشه كفافًا وقنع به" (٧) [ورواه


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٢) وهي قراءة شاذة تفسيرية، ونسبها الطبري إلى ابن مسعود.
(٣) أخرجه عبد الرزاق وسفيان بن عيينة في تفسير (كما في تغليق التعليق ٤/ ٢٩٨) والبستي كلهم بسند صحيح من طريق منصور عن مجاهد.
(٤) تقدم تخريجه قبل أربع حواشي.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي أبي طلحة عن ابن عباس.
(٦) وهي قراءة متواترة.
(٧) أخرجه الترمذي من طريق أبي هاني الخولاني به وصححه (السنن، الزهد باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه ح ١٣٤٩) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ح ١٩١٥.
وأخرجه الحاكم من طريق عبد الله بن وهب عن أبي هاني به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ١٢٢).