للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الترمذي والنسائي من حديث حيوة بن شريح، عن أبي هانئ الخولاني به وقال الترمذي: صحيح] (١).

﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ يعني: المشركين يخوفون الرسول ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دون الله جهلًا منهم وضلالًا ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (٣٧)﴾؟ أي: منيع الجناب لا يضام من استند إلى جنابه ولجأ إلى بابه فإنه العزيز الذي لا أعزَّ منه ولا أشد انتقامًا منه ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله .

وقوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ يعني: المشركين كانوا يعترفون بأن الله هو الخالق للأشياء كلها ومع هذا يعبدون معه غيره مما لا يملك لهم ضرًا ولا نفعًا ولهذا قال : ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ﴾؟ أي: لا تستطيع شيئًا من الأمر.

وذكر ابن أبي حاتم ههنا حديث قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن ابن عباس مرفوعًا "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك، جفت الصحف ورفعت الأقلام واعمل لله بالشكر في اليقين. واعلم أن في الصوم على ما تكره خيرًا كثيرًا. وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرًا" (٢).

﴿قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ﴾ أي: الله كافيّ ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ [يوسف: ٦٧] كما قال هود حين قال له قومه: ﴿إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)[هود].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا محمد بن حاتم، عن أبي المقدام مولى آل عثمان، عن محمد بن كعب القرظي، حدثنا ابن عباس رفع الحديث إلى رسول الله قال: "من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله تعالى، ومن أحبَّ أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله" (٣).

وقوله: ﴿قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ أي: على طريقتكم وهذا تهديد ووعيد ﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾


(١) زيادة من (حم) و (مح).
(٢) أخرجه الإمام أحمد من طريق قيس بن الحجاج به (المسند ٤/ ٤٠٩ - ٤١٠ ح ٢٦٦٩) وقال محققوه: إسناده قوي. اهـ. وكذا أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح (السنن صفة القيامة - ح ٢٥١٦).
(٣) سنده ضعيف لضعف أبي المقدام، وأخرجه العقيلي ثم قال: وليس لهذا الحديث طريق يثبت (الضعفاء الكبير ٤/ ٣٤١).