للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اللَّهِ﴾ وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي من حديث ابن جريج، عن يعلى بن مسلم المكي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به (١).

والمراد من الآية الأولى قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا﴾ الآية [الفرقان: ٧٠].

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو قبيل قال: سمعت أبا عبد الرحمن المُزَني يقول: سمعت ثوبان مولى رسول الله يقول: سمعت رسول الله يقول: ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ إلى آخر الآية فقال رجل يا رسول الله فمن أشرك؟ فسكت النبي ثم قال: "ألا ومن أشرك" ثلاث مرات (٢). تفرد به الإمام أحمد.

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا [سُريج] (٣) بن النعمان، حدثنا نوح بن قيس، عن أشعث بن جابر الحداني، عن مكحول، عن عمرو بن عنبسة قال: جاء رجل إلى النبي شيخ كبير يدعم على عصا له فقال: يا رسول الله لي غدرات وفجرات فهل يغفر لي؟ فقال : "ألست تشهد أن لا إله إلا الله؟ " قال: بلى وأشهد أنك رسول الله فقال : "قد غفر لك غدراتك وفجراتك" (٤). تفرد به أحمد.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول الله يقرأ: ﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود: ٤٦] (٥) وسمعته يقول : ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ ولا يبالي (٦) ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (٧) ورواه أبو داود والترمذي من حديث ثابت به (٨).

فهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة ولا يقنطن عبد من رحمة الله وإن عظمت ذنوبه وكثرت فإن باب الرحمة والتوبة واسع قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [التوبة: ١٠٤]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠)[النساء]، وقال تعالى في حق المنافقين: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا﴾ [النساء]، وقال: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا


(١) صحيح مسلم، الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله (ح ١٢٢)، وسنن أبي داود، الفتن، باب في تعظيم قتل المؤمن ح ٤٢٧٤، وسنن النسائي، تحريم الدم، باب تعظيم الدم ٧/ ٨٦.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٧/ ٤٥ ح ٢٢٣٦٢) وضعف سنده محققوه.
(٣) كذا في المسند، وفي الأصل: و (حم) و (مح) صحف إلى: "شريح".
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٢/ ١٧١ ح ١٩٤٣٢) وصححه محققوه بشواهده.
(٥) وهي قراءة متواترة في سورة هود آية ٤٦.
(٦) وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤٥/ ٥٤٩ ح ٢٧٥٦٩)، وضعف سنده محققوه وذكروا أن الشطر الأول محتمل للتحسين بشاهده.
(٨) سنن أبي داود، الحروف والقراءات (ح ٣٩٨١)، وسنن الترمذي، القراءات، باب ومن سورة هود (ح ٢٩٣١).