للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، حدثنا ثابت وحميد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: إن إبليس لعنه الله تعالى قال: يا ربِّ إنك أخرجتني من الجنة من أجل آدم وإني لا أستطيعه إلا بسلطانك قال: فأنت مسلط، قال: يا ربِّ زدني، قال: لا يولد له ولد إلا ولد لك مثله، قال: يا ربِّ زدني، قال: أجعل صدورهم مساكن لكم وتجرون منهم مجرى الدم. قال: يا ربِّ زدني قال: أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا، فقال آدم : يا ربِّ قد سلطته عليَّ وإني لا أمتنع إلا بك. قال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء، قال: يا ربِّ زدني قال: الحسنة عشر أو أزيد والسيئة واحدة أو أمحوها. قال: يا ربِّ زدني. قال: باب التوبة مفتوح ما كان الروح في الجسد. قال: يا ربِّ زدني. قال: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (١).

وقال محمد بن إسحاق: قال نافع: عن عبد الله بن عمر، عن عمر في حديثه قال: وكنا نقول ما الله بقابل ممن افتتن صرفًا ولا عدلًا ولا توبة، عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم.

قال: فلما قدم رسول الله المدينة أنزل الله تعالى فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٥٥)﴾.

قال عمر : فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاص قال: فقال هشام: لما أتتني جعلت [أقرؤها] (٢) بذي طوى أصعد بها فيه وأصوت ولا أفهمها حتى قلت: اللَّهم أفهمنيها، فألقى الله في قلبي أنها إنما نزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله بالمدينة (٣)،

ثم استحث عباده إلى المسارعة إلى التوبة فقال: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ. . .﴾ إلخ؛ أي: ارجعوا إلى الله واستسلموا له ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ أي: بادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة

﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ وهو القرآن العظيم ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ أي: من حيث لا تعلمون ولا تشعرون

ثم قال: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ أي: يوم القيامة يتحسر المجرم المفرط في التوبة والإنابة ويود لو كان من المحسنين المخلصين المطيعين لله ﷿، وقوله ﷿: ﴿وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ أي: إنما كان عملي في الدنيا عمل ساخر مستهزئ غير موقن مصدق

﴿أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)﴾ أي: تود لو أعيدت إلى الدنيا لتحسن العمل.


(١) سنده مرسل لأن عبيد بن عمير تابعي.
(٢) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل: "بياض".
(٣) أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق به، وسنده ضعيف لأن ابن إسحاق لم يسمع من نافع.