للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حاتم وغيره عن ابن عباس أن المشركين من جهلهم دعوا رسول الله إلى عبادة آلهتهم ويعبدوا معه إلهه فنزلت: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (٦٤) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥)(١). وهذه كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ٨٨].

وقوله: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦)﴾ أي: أخلص العبادة لله وحده لا شريك له أنت ومن اتبعك وصدقك.

﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)﴾.

يقول تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ أي: ما قدر المشركون الله حق قدره حين عبدوا معه غيره وهو العظيم الذي لا أعظم منه القادر على كل شيء المالك لكل شيء وكل شيء تحت قهره وقدرته.

قال مجاهد: نزلت في قريش (٢).

وقال السدي: ما عظموه حق عظمته (٣).

وقال محمد بن كعب: لو قدروه حق قدره ما كذبوا.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم. فمن آمن أن الله على كل شيء قدير فقد قدر الله حق قدره، ومن لم يؤمن بذلك فلم يقدر الله حق قدره (٤).

وقد وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف وهو إمراراها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف.

قال البخاري: قوله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾، حدثنا آدم، حدثنا شيبان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله فقال: يا محمد إنا نجد الله ﷿ يجعل السماوات على أصبع والأرضين على أصبع، والشجر على أصبع، والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أصبع فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحَبر، ثم قرأ رسول الله : ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ الآية (٥). ورواه البخاري أيضًا في غير هذا الموضع من صحيحه، والإمام أحمد ومسلم والترمذي والنسائي في التفسير من سننهما كلهم من حديث


(١) أخرجه الطبري في تفسير سورة الكافرون وابن أبي حاتم كلاهما من طريق أبي خلف عبد الله بن عيسى عن داود عن عكرمة عن ابن عباس، وأبو خلف ضعيف (ينظر: فتح الباري ٨/ ٧٣٣).
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنعام آية ٩١.
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٥) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الزمر: ٦٧] ح ٤٨١١).