للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيها من كل خير، فيستيقنوها وأُريهم النار وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوها، ولكن عمدًا غيّبت ذلك عنهم لأعلم كيف يعملون وقد بينته لهم" (١). وهذا إسناد متقارب وهي نسخة تروى بها أحاديث جمة والله أعلم.

﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (٧٠)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن هول يوم القيامة وما يكون فيه من الآيات العظيمة والزلازل الهائلة فقوله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ هذه النفخة هي الثانية وهي نفخة الصعق، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله كما جاء مصرحًا به مفسرًا في حديث الصور المشهور، ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت وينفرد الحي القيوم الذي كان أولًا وهو الباقي آخرًا بالديمومة والبقاء ويقول: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر: ١٦]، ثلاث مرات ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: ١٦] أنا الذي كنت وحدي وقد قهرت كل شيء وحكمت بالفناء على كل شيء، ثم يحيي أول من يحيي إسرافيل ويأمره أن ينفخ بالصور مرة أخرى وهي النفخة الثالثة نفخة البعث قال الله ﷿: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ أي: أحياء بعدما كانوا عظامًا ورفاتًا صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)[النازعات]. وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (٥٢)[الإسراء]، وقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥)[الروم].

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم قال: سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود قال: سمعت رجلًا قال لعبد الله بن عمرو إنك تقول الساعة تقوم إلى كذا وكذا قال: لقد هممت أن لا أحدثكم شيئًا إنما قلت سترون بعد قليل أمرًا عظيمًا، ثم قال عبد الله بن عمرو : قال رسول الله : "يخرج الدجال في أمتي فيمكث فيهم أربعين لا أدري أربعين يومًا أو أربعين شهرًا أو أربعين عامًا أو أربعين ليلة، فيبعث الله تعالى عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيظهر فيهلكه الله تعالى ثم يلبث الناس بعده سنين سبعًا ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله تعالى ريحًا باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لو أنّ أحدهم كان في كبد جبل لدخلت عليه" قال: سمعتها من رسول الله : "ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفًا ولا يُنكرون منكرًا قال: فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، فيعبدونها وهم في


(١) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ٣/ ٢٩٤) وسنده ضعيف لأن محمد بن إسماعيل بن عياش لم يسمع من أبيه.