للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي صحيح مسلم، عن عتبة بن غزوان أنه خطبهم خطبة فقال فيها: ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعين سنة، وليأتيَّن عليه يوم وهو كظيظ من الزحام (١).

وفي المسند عن حكيم بن معاوية، عن أبيه ، عن رسول الله مثله (٢).

وقال عبد بن حميد: حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد ، عن رسول الله قال: "إن ما بين مصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة" (٣).

وقوله: ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ﴾ أي: طابت أعمالكم وأقوالكم وطاب سعيكم وطاب جزاؤكم كما أمر رسول الله أن ينادي بين المسلمين في بعض الغزوات "إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة (٤) - وفي رواية - مؤمنة".

وقوله: ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ أي: ماكثين فيها أبدًا لا يبغون عنها حولًا

﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ أي: يقول المؤمنون إذا عاينوا في الجنة ذلك الثواب الوافر والعطاء والنعيم المقيم والملك الكبير يقولون عند ذلك ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ أي: الذي كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام كما دعوا في الدنيا ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (١٩٤)[آل عمران]، ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٤٣]، ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥)[فاطر].

وقوله: ﴿وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾. قال أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وابن زيد؛ أي: أرض الجنة (٥). فهذه الآية كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥)[الأنبياء]، ولهذا قالوا: ﴿نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴾ أي: أين شئنا حللنا فنعم الأجر أجرنا على عملنا.

وفي الصحيحين من حديث الزهري عن أنس في قصة المعراج قال النبي : "أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك" (٦).

وقال عبد بن حميد: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: إن رسول الله سأل ابن صائد، عن تربة الجنة، فقال:


(١) صحيح مسلم، الزهد (ح ٢٩٦٧).
(٢) (المسند ٥/ ٣) وسنده حسن.
(٣) أخرجه عبد بن حميد بسنده ومتنه (المنتخب رقم ٩٢٤) وسنده ضعيف لضعف رواية دراج عن أبي الهيثم.
(٤) أخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود (صحيح البخاري، الرقاق، باب الحشر ح ٦٥٢٨، وصحيح مسلم، الإيمان، باب كون هذه الأمة نصف أهل الجنة ح ٢٢١/ ٣٧٧).
(٥) قول أبي العالية أخرجه هناد بسند جيد من طريق الربيع بن أنس عنه (الزهد رقم ١٥٩)، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه، وقول ابن زيد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه.
(٦) تقدم تخريجه في بداية تفسير سورة الإسراء.