للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَرْمَكَة (١) بيضاء مسك خالص، فقال رسول الله : "صدق" (٢). وكذا رواه مسلم من حديث أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد به، ورواه مسلم أيضًا عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أُسامة، عن الجُرَيري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: إن ابن صائد سأل رسول الله عن تربة الجنة فقال: "در مكة بيضاء مسك خالص" (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبي غسان مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾ قال: سيقوا حتى انتهوا إلى باب من أبواب الجنة، فوجدوا عندها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان، فعمدوا إلى إحداهما فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم تغير أبشارهم بعدها أبدًا ولم تُشعَث أشعارهم أبدًا بعدها، كأنما دهنوا بالدهان ثم عمدوا إلى الأخرى كأنما أمروا بها فشربوا منها فأذهبت ما كان في بطونهم من أذى أو قذى، وتلقتهم الملائكة على أبواب الجنة ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ وتلقى كل غلمان صاحبهم يطوفون به فعل الولدان بالحميم جاء من الغيبة أبشر قد أعدَّ الله لك من الكرامة كذا وكذا، وقد أعدَّ الله لك من الكرامة كذا وكذا.

قال: وينطلق غلام من غلمانه إلى أزواجه من الحور العين فيقول: هذا فلان باسمه في الدنيا. فيقلن: أنت رأيته؟ فيقول: نعم. فيستخفهنَّ الفرح حتى تخرج إلى أسكفة الباب. قال: فيجيء فإذا هو بنمارق مصفوفة وأكواب موضوعة وزرابي مبثوثة، قال: ثم ينظر إلى تأسيس بنيانه، فإذا هو قد أسس على جندل (٤) اللؤلؤ بين أحمر وأخضر وأصفر وأبيض ومن كل لون، ثم يرفع طرفه إلى سقفه فلولا أن الله تعالى قدره له لألم أن يذهب ببصره إنه لمثل البرق ثم ينظر إلى أزواجه من الحور العين ثم يتكئ على أريكة من أرائكه ثم يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ (٥) [الأعراف: ٤٣].

ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا سلمة بن جعفر البجلي قال: سمعت أبا معاذ البصري يقول: إن عليًا كان ذات يوم عند رسول الله فقال النبي : "والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون - أو يؤتون - بنوق لها أجنحة وعليها رحال الذهب، شراك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان فيشربون من إحداهما فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدًا، وتجري عليهم نضرة النعيم فينتهون - أو فيأتون - باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب فيضربون بالحلقة على الصفيحة فيسمع لها


(١) أي: المسك الخالص والدرمك الدقيق الأبيض خالص البياض.
(٢) أخرجه عبد بن حميد بسنده ومتنه (المنتخب رقم ٨٧٦)، وسنده صحيح، وأخرجه مسلم من طريق الجريري به (الصحيح الفتن، باب ذكر ابن صياد ح ٢٩٢٨).
(٣) المصدر السابق ٢٩٢٨/ ٩٢ و ٩٣.
(٤) أي: القبة.
(٥) أخرجه عبد الرزاق عن معمر، وابن أبي شيبة (المصنف ٨/ ٧٤)، كلاهما من طريق إسرائيل به، وسنده حسن.