للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال السدي في "تفسيره" (١) بإسناده. قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ قال: هو ما عهد إليهم في القرآن، فأقروا به، ثم كفروا فنقضوه.

وقوله: ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ قيل: المراد به صلة الأرحام والقرابات، كما فسره قتادة (٢)؛ كقوله (تعالى) (٣): ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢)[محمد] ورجحه ابن جرير (٤).

وقيل: (المراد) (٥) أعم من ذلك؛ فكل ما أمر اللّه بوصله وفعله (قطعوه) (٦) وتركوه.

وقال مقاتل بن حيان (٧) في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ قال: في الآخرة. وهذا كما قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٥].

وقال الضحاك (٨)، عن ابن عباس: كل شيء نسبه اللّه إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل "خاسر" فإنما يعني به الكُفر، وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به الذنب.

وقال ابن جرير (٩) في قوله (تعالى) (١٠): ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (الخاسرون) (١١) جمعُ خاسرٍ، وهم الناقصون أنفسهم حظوظهم بمعصيتهم اللّه من رحمته، كما يخسر الرجل في تجارته، بأن يوضع من رأس ماله في بيعه. وكذلك المنافق والكافر خسر بحرمان اللّه إياه رحمته التي خلقها لعباده في القيامة أحوج ما كانوا إلى رحمته. يقال منه: خسر الرجل يخسر خسرًا وخسرانًا وخسارًا، كما قال جرير بن عطية (١٢):

إن سليطًا في الخسار إنه … أولاد قوم خلقوا أقنَّه

﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)﴾.

يقول تعالى: محتجًّا على وجوده وقدرته، وأنه الخالق المتصرف في عباده: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾ أي: كيف تجحدون وجوده، أو تعبدون معه غيره؟ ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾ أي: وقد كنتم عدمًا فأخرجكم إلى الوجود، كما قال تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦)[الطور] وقال (تعالى) (١٣): ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١] والآيات في هذا كثيرة.

وقال سفيان الثوري (١٤): عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعود :


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٩١) عن السدي قوله، وعادة ابن أبي حاتم أنه يختصر إسناد السدي في "تفسيره" فلينتبه لذلك.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥٧٤) بسند صحيح.
(٣) من (ز) و (ن).
(٤) في "تفسيره" (١/ ٤١٦).
(٥) من (ن).
(٦) في (ن): "فقطعوه".
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٩٨) [بسند جيد].
(٨) أخرجه ابن جرير (٥٧٥) بسند ضعيف.
(٩) في "تفسيره" (١/ ٤١٧).
(١٠) من (ن).
(١١) ساقط من (ج) و (ك) و (ل) و (هـ) و (ي).
(١٢) هو في ديوانه (٥٩٨). وانظر "تفسير الطبري" (١/ ٤١٧).
(١٣) من (ن).
(١٤) أخرجه ابن جرير (٥٧٧)؛ وابن أبي حاتم (٣٠١) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان الثوري به؛ =