للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدرداء يبني مسجدًا فقال له: ما هذا؟ فقال: أبنيه من أجل آل حم (١)، وقد يكون هذا المسجد الذي بناه أبو الدرداء هو المسجد المنسوب إليه داخل قلعة دمشق، وقد يكون صيانتها وحفظها ببركته وبركة ما وضع له فإن هذا الكلام يدل على النصر على الأعداء كما قال رسول الله لأصحابه في بعض الغزوات: "إن بيَّتم الليلة فقولوا: حم لا ينصرون - وفي رواية: لا تنصرون -" (٢).

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن الحكم بن ظبيان بن خلف المازني ومحمد بن الليث الهمداني قالا: حدثنا موسى بن مسعود، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، عن زُرارة بن مصعب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من قرأ آية الكرسي وأول حم المؤمن عصم ذلك اليوم من كلِّ سوء" ثم قال: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد. ورواه الترمذي من حديث المليكي وقال: تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه (٣).

﴿حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣)﴾.

أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته ههنا، وقد قيل: إن ﴿حم (١)﴾ اسم من أسماء الله ﷿ (٤)، وأنشدوا في ذلك بيتًا:

يذكرني حم والرمح شاجر … فهلا تلا حم قبل التقدم (٥)

وقد ورد في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي من حديث الثوري، عن أبي إسحاق، عن المهلب بن أبي صفرة قال: حدثني مَن سمع رسول الله يقول: "إن بيَّتم الليلة فقولوا: حم لا ينصرون" (٦). وهذا إسناد صحيح، واختار أبو عبيد أن يروى فقولوا: حم لا ينصروا؛ أي: إن قلتم ذلك لا ينصروا جعله جزاءً لقوله: فقولوا.

وقوله: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢)﴾ أي: تنزيل هذا الكتاب وهو القرآن من الله ذي العزة والعلم فلا يرام جنابه ولا يخفى عليه الذر وإن تكاثف حجابه.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٧/ ٢٠٣) وأبو عبيد (فضائل القرآن ص ١٨٧) كلاهما من طريق رجل مبهم عن أبي الدرداء، وسنده ضعيف بسبب الإبهام.
(٢) سيأتي تخريجه في تفسير الآية الأولى.
(٣) أخرجه الترمذي من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي به (السنن، فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي ح ٢٨٧٩). وسنده ضعيف لضعف عبد الرحمن (التقريب ص ٣٣٧).
(٤) أخرجه البستي والطبري بسند حسن من طريق عكرمة عن ابن عباس.
(٥) استشهد به أبو عبيدة (مجاز القرآن ٢/ ١٩٣)، والطبري ونسبه إلى شُريح بن أوفى العبسي.
(٦) سنن أبي داود، الجهاد، باب في الرجل ينادي بالشعار (ح ٢٥٩٧)، وسنن الترمذي، الجهاد، باب ما جاء في الشعار (ح ٢٦٨٢) وصحح سنده الحافظ ابن كثير والألباني (صحيح سنن أبي داود ح ٢٢٦٢)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ١٠٧).