للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ أي: يغفر ما سلف من الذنب ويقبل التوبة في المستقبل لمن تاب إليه وخضع لديه.

وقوله: ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ أي: لمن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا وعتا عن أوامر الله تعالى وبغى وهذه كقوله: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)[الحجر]، يقرن هذين الوصفين كثيرًا في مواضع متعددة من القرآن ليبقى العبد بين الرجاء والخوف.

وقوله تعالى: ﴿ذِي الطَّوْلِ﴾ قال ابن عباس: يعني السعة والغنى (١)، وهكذا قال مجاهد وقتادة (٢).

وقال يزيد بن الأصم: ﴿ذِي الطَّوْلِ﴾ يعني: الخير الكثير.

وقال عكرمة: ﴿ذِي الطَّوْلِ﴾ ذي المن (٣).

وقال قتادة: ذي النعم (٤) والفواضل، والمعنى أنه المتفضل على عباده المتطول عليهم بما هم فيه من المنة والإنعام التي لا يطيقون القيام بشكر واحدة منها ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ الآية [إبراهيم: ٣٤].

وقوله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ أي: لا نظير له في جميع صفاته فلا إله غيره فلا إله ولا رب سواه ﴿إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ أي: المرجع والمآب فيجازي كل عامل بعمله ﴿وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٤١].

وقال أبو بكر بن عياش: سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين إني قتلت فهل لي من توبة؟ فقرأ عمر : ﴿حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ وقال: اعمل ولا تيأس (٥). رواه ابن أبي حاتم: واللفظ له وابن جرير.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن مروان الرقي، حدثنا عمر - يعني ابن أيوب -، حدثنا جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم قال: كان رجل من أهل الشام ذو بأس، وكان يفد إلى عمر بن الخطاب ففقده عمر فقال: ما فعل فلان بن فلان، فقالوا: يا أمير المؤمنين تتابع في هذا الشراب. قال: فدعا عمر كاتبه، فقال: اكتب من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان: سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير. ثم قال لأصحابه: ادعوا الله لأخيكم أن يقبل بقلبه ويتوب الله عليه، فلما بلغ الرجل كتاب عمر جعل يقرؤه ويردده ويقول: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي. ورواه الحافظ أبو


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٢) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٦/ ٤٠٠)، والطبري كلاهما من طريق أبي بكر بن عياش به، وسنده ضعيف لأن أبا إسحاق السبيعي لم يسمع من عمر .