للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نعيم من حديث جعفر بن برقان وزاد: فلم يزل يرددها على نفسه ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع، فلما بلغ عمر خبره، قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخًا لكم زلَّ زلَّة فسددوه ووثقوه وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانًا للشيطان عليه (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمر بن شيبة، حدثنا حماد بن واقد، حدثنا أبو عمر الصفار، حدثنا ثابت البناني قال: كنت مع مصعب بن الزبير في سواد الكوفة، فدخلت حائطًا أصلي ركعتين فافتتحت: ﴿حم (١)﴾ المؤمن حتى بلغت ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾، فإذا رجل خلفي على بغلة شهباء عليه مقطعات يمنية، فقال: إذا قلتُ: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ﴾ فقل: يا غافر الذنب اغفر لي ذنبي، وإذا قلت: ﴿وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ فقل: يا قابل التوب اقبل توبتي، وإذا قلت: ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ فقل: يا شديد العقاب لا تعاقبني، قال: فالتفت فلم أر أحدًا فخرجت إلى الباب، فقلت: مرَّ بكم رجل عليه مقطعات يمنية، قالوا: ما رأينا أحدًا فكانوا يرون أنه إلياس (٢)، ثم رواه من طريق أخرى عن ثابت بنحوه، وليس فيه ذكر إلياس.

﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (٥) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦)﴾.

يقول تعالى ما يدفع ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان: ﴿إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه ﴿فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ﴾ أي: في أموالها ونعيمها وزهرتها كما قال: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧)[آل عمران]، وقال تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)[لقمان]، ثم قال تعالى: مسليًا لنبيه محمد في تكذيب من كذبه من قومه بأن له أسوة فيمن سلف من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنه قد كذبهم أممهم وخالفوهم وما آمن بهم منهم إلا قليل فقال: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ وهو أول رسول بعثه الله ينهى عن عبادة الأوثان ﴿وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ أي: من كل أمة ﴿وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ﴾ أي: حرصوا على قتله بكل ممكن ومنهم من قتل رسوله ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ أي: ما حلوا بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي.

وقد قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عارم أبو النعمان، حدثنا معتمر بن سليمان، قال سمعت أبي يحدث عن [حنش] (٣)، عن عكرمة، عن ابن عباس ، عن النبي قال: "من أعان باطلًا ليدحض به حقًا فقد برئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله " (٤).


(١) أخرجه أبو نعيم في ترجمة يزيد الأصم بسنده ومتنه (حلية الأولياء ٤/ ٩٧ - ٩٨) وذكره ابن كثير من طريق أبي نعيم به ثم قال: إسناد جيد وفيه انقطاع (مسند الفاروق ٢/ ٥١٧).
(٢) سنده ضعيف لضعف حماد بن واقد (التقريب ص ١٧٩) وفي متنه غرابة.
(٣) كذا في (حم) و (مح) والمعجم الكبير، وفي الأصل صُحف إلى: "حنيش".
(٤) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١١/ ٢١٥ ح ١١٥٣٩)، وأخرجه الحاكم من طريق علي بن =