للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿فَأَخَذْتُهُمْ﴾ أي: أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الآثام والذنوب العظام ﴿فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾ أي: فكيف بلغك عذابي لهم ونكالي بهم؟ قد كان شديدًا موجعًا مؤلمًا. قال قتادة: كان شديدًا واللهِ (١).

وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦)﴾ أي: كما حقت كلمة العذاب على الذين كفروا من الأمم السالفة كذلك حقت على المكذبين من هؤلاء الذين كذبوك وخالفوك يا محمد بطريق الأولى والأخرى، لأن من كذبك فلا وثوق له بتصديق غيرك.

﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)﴾.

يخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حملة العرش الأربعة ومن حوله من الملائكة الكروبيين بأنهم يسبحون بحمد ربهم؛ أي: يقرنون بين التسبيح الدال على نفي النقائص والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح ﴿وَيُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ أي: خاشعون له أذلاء بين يديه وأنهم ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: من أهل الأرض ممن آمنوا بالغيب، فقيض الله تعالى ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب كما ثبت في صحيح مسلم "إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب، قال الملك: آمين ولكَ بمثله" (٢).

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن محمد وهو ابن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "صدق أُمية بن أبي الصلت في شيء من شعره" فقال:

زحل وثور تحت رجل يمينه … والنسر للأخرى وليث مرصد

فقال رسول الله : "صدق" فقال:

والشمس تطلع كل آخر ليلة … حمراء يصبح لونها [يتوّرد] (٣)

تأبى فما تطلع لنا في رسلها … إلا معذبة وإلا تجلد

فقال رسول الله : "صدق" (٤). وهذا إسناد جيد، وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة كانوا ثمانية كما قال تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة:


= عبد العزيز به وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بأن حنش الرحبي ضعيف (المستدرك ٤/ ١٠٠).
(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه مسلم من حديث أبي الدرداء (الصحيح، الذكر، باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب ح ٢٧٣٢).
(٣) كذا في (حم) و (مح) والمسند، وفي الأصل صحف إلى: "يتردد".
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ١٥٨ - ١٥٩ ح ٢٣١٤) وضعف سنده محققوه بسبب عنعنة ابن إسحاق. اهـ. وكذلك في لفظه غرابة.