للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كالسقف لها كما قال تعالى: ﴿مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)[المعارج]، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان أن هذه مسافة ما بين العرش إلى الأرض السابعة في قول جماعة من السلف والخلف، وهو الأرجح إن شاء الله.

وقد ذكر غير واحد أن العرش من ياقوتة حمراء (١) اتساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة، وقد تقدم في حديث الأوعال (٢) ما يدل على ارتفاعه عن السماوات السبع بشيء عظيم.

وقوله تعالى: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ كقوله تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢)[النحل]، وكقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤)[الشعراء]، ولهذا قال: ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يوم التلاق اسم من أسماء يوم القيامة حذر الله منه عباده (٣).

وقال ابن جريج: قال ابن عباس : يلتقي فيه آدم وآخر ولده (٤).

وقال ابن زيد: يلتقي فيه العباد (٥).

وقال قتادة والسدي وبلال بن سعد وسفيان بن عيينة: يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض والخالق والخلق (٦).

وقال ميمون بن مهران: يلتقي الظالم والمظلوم، وقد يقال: إن يوم التلاق يشمل هذا كله، ويشمل أن كل عامل سيلقى ما عمله من خير وشر كما قاله آخرون (٧).

وقوله: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ أي: ظاهرون بادون كلهم لا شيء يكنُّهم ولا يظلهم ولا يسترهم ولهذا قال: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ أي: الجميع في علمه على السواء. وقوله: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ قد تقدم في حديث ابن عمر أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده ثم يقول أنا الملك أنا الجبار أنا المتكبر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون (٨)؟

وفي حديث الصور أنه تعالى إذا قبض أرواح جميع خلقه فلم يبق سواه وحده لا شريك له حينئذٍ يقول: لمن الملك اليوم؟ ثلاث مرات ثم يجيب نفسه قائلًا: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ أي: الذي هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه.


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة يونس آية ٣.
(٢) تقدم تخريجه وضعفه في تفسير هذه السورة الكريمة آية ٧.
(٣) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٤) سنده ضعيف لأن ابن جريج لم يسمع من ابن عباس.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي، وقول سفيان بن عيينة أخرجه البستي بسند صحيح عن ابن أبي عمر عنه.
(٧) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنعام آية ٧٣.
(٨) سنده صحيح وله حكم الرفع لأنه من الغيب.