للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شيء في أربعة أيام وخلق السموات في يومين ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٩٦] سمى نفسه بذلك وذلك قوله؛ أي: لم يزل كذلك فإن الله تعالى لم يرد شيئًا إلا أصاب به الذي أراد فلا يختلفن عليك القرآن فإن كلًّا من عند الله ﷿.

قال البخاري: حدثنيه يوسف بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال (١) هو: ابن عمرو بالحديث.

وقوله: ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ يعني: يوم الأحد ويوم الاثنين

﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا﴾ أي: جعلها مباركة قابلة للخير والبذر والغراس وقدر فيها أقواتها وهو ما تحتاج أهلها إليه من الأرزاق والأماكن التي تزرع وتغرس يعني يوم الثلاثاء والأربعاء فهما مع اليومين السابقين أربعة ولهذا قال: ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ أي: لمن أراد السؤال عن ذلك ليعلمه وقال عكرمة ومجاهد في قوله: ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ جعل في كل أرض ما لا يصلح في غيرها ومنه العصب (٢) باليمن، والسابوري بسابور (٣)، والطيالسة (٤) بالري (٥).

وقال ابن عباس وقتادة والسدي في قوله تعالى: ﴿سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ أي: لمن أراد السؤال عن ذلك (٦).

وقال ابن زيد: معناه وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين؛ أي: على وفق مراده من له حاجة إلى رزق أو حاجة، فإن الله تعالى قدر له ما هو محتاج (٧) إليه، وهذا القول يشبه ما ذكروه في قوله تعالى: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ [إبراهيم: ٣٤]، والله أعلم.

وقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾ وهو بخار الماء المتصاعد منه حين خلقت الأرض ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ أي: استجيبا لأمري وانفعلا لفعلي طائعتين أو مكرهتين.

قال الثوري: عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ قال: قال الله للسموات: أطلعي شمسي وقمري والنجوم، وقال للأرض: شققي أنهارك وأخرجي ثمارك ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (٨) واختاره ابن جرير ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ أي: بل نستجيب لك مطيعين بما فينا مما تريد خلقه من الملائكة والجن والإنس جميعًا مطيعين لك، حكاه ابن جرير، عن بعض أهل العربية قال:


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب سورة حم السجدة قبل حديث ٤٨١٦).
(٢) هو نوع من الملابس اليمنية يدرج غزله ثم يُحاك (ينظر تاج العروس باب ع ص ب).
(٣) هو نوع من الثياب يقال لها: السابرية (ينظر المصدر السابق س ب ر).
(٤) هو القماش الذي يوضع فوق العمامة.
(٥) أخرجه الطبري والبستي بسند صحيح من طريق حصين السلمي عن عكرمة، وأخرجه الطبري أيضًا بسند ضعيف من طريق خصيف عن مجاهد، ويتقوى بسابقه.
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، بنحوه، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي بنحوه.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد بنحوه.
(٨) أخرجه الطبري من طريق الثوري به، وأخرجه الحاكم من طريق طاوس عن ابن عباس وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٢٧).