للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: تنزيلًا لهن معاملة من يعقل بكلامهما، وقيل: إن المتكلم من الأرض بذلك هو مكان الكعبة ومن السماء ما يسامته منها، والله أعلم.

وقال الحسن البصري: لو أبيا عليه أمره عليه لعذبهما عذابًا يجدان ألمه رواه ابن أبي حاتم.

﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ أي: ففرغ من تسويتهن سبع سموات في يومين؛ أي: آخرين وهما يوم الخميس ويوم الجمعة ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ أي: ورتب مقررًا في كل سماء ما تحتاج إليه من الملائكة وما فيها من الأشياء التي لا يعلمها إلا هو ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ وهي الكواكب المنيرة المشرقة على أهل الأرض ﴿وَحِفْظًا﴾ أي: حرسًا من الشياطين أن تستمع إلى الملأ الأعلى ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ أي: العزيز الذي قد عزَّ كل شيء فغلبه، وقهره العليم بجميع حركات المخلوقات وسكناتهم.

قال ابن جرير: حدثنا هناد بن السري، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعيد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس قال هناد: قرأت سائر الحديث، أن اليهود أتت النبي فسألته عن خلق السماوات والأرض فقال : "خلق الله تعالى الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران فهذه أربعة ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠)﴾ لمن سأله قال: وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقيت منه، فخلق من أول ساعة من هذه الثلاثة الآجال حين يموت من مات وفي الثانية: ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس، وفي الثالثة: آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة" ثم قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟ قال: "ثم استوى على العرش". قالوا: قد أصبت لو أتممت، قالوا: ثم استراح، فغضب النبي غضبًا شديدًا فنزل ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ (١) [ق: ٣٨، ٣٩]. هذا الحديث فيه غرابة، فأما حديث ابن جريج، عن إسماعيل بن أُمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله بيدي فقال: "خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثَّ فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة فيما بين العصر إلى الليل" فقد رواه مسلم والنسائي في كتابيهما من حديث ابن جريج به وهو من غرائب الصحيح وقد علَّله البخاري في التاريخ فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة عن كعب الأحبار وهو الأصح (٢).


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف أبي سعيد ويقال: أبي سعد البقال، وأخرجه الحاكم من طريق أبي بكر بن عياش به وصححه واستدرك عليه الذهبي بقوله: أبو سعيد البقال قال ابن معين: لا يكتب حديثه. (المستدرك ٢/ ٥٤٣).
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأعراف آية ٥٤.