للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي سعيد، عن عبد الله بن سلام - أنه قال: إن اللّه بدأ الخلق يوم الأحد، فخلق الأرضين في الأحد والاثنين؛ وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء، وخلق السموات في الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة، فخلق فيها آدم على عجل؛ فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة.

وقال مجاهد (١) في قوله (تعالى) (٢): ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ قال: خلق اللّه الأرض قبل السماء، فلما خلق الأرض (ثار) (٣) منها دخان؛ فذلك حين يقول: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ قال: بعضهن فوق بعض؛ وسبع أرضين - يعني (بعضهن) (٤) تحت بعض.

[(وهذه الآية دالة على أن الأرض خلقت قبل السماء، كما قال في آية السجدة: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾] (٥) [﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً﴾ [فصلت] فهذه وهذه دالتان على أن الأرض خلقت قبل السماء، وهذا ما لا أعلم فيه نزاعًا بين العلماء إلا ما نقله ابن جرير (٦) عن قتادة - أنه زعم أن السماء خلقت قبل الأرض، وقد توقف في ذلك القرطبي (٧) في "تفسيره" لقوله تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١)(٨) [النازعات] قالوا: فذكر خلق السماء قبل الأرض.

وفي "صحيح البخاري" (٩) أن ابن عباس سئل عن هذا بعينه، فأجاب بأن الأرض خلقت قبل السماء، وأن الأرض إنما دحيت بعد خلق السماء.

وكذلك أجاب غير واحد من علماء التفسير قديمًا وحديثًا. وقد حررنا ذلك في سورة النازعات] (١٠).

[وحاصل ذلك أن الدحي مفسر بقوله (تعالى) (١١): ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا] (١٢)


(١) أخرجه ابن جرير (٥٩٢)؛ وابن أبي حاتم (٣١٢)؛ وأبو الشيخ في "العظمة" (٨٨٣) من طريق عبد الرزاق وهو في "تفسيره" (١/ ٤١، ٤٢) قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فذكره وسنده صحيح.
(٢) من (ن).
(٣) في (ز): "بان".
(٤) كذا في (ز) و (ك)؛ وفي (ن) و (هـ): "بعضها" وسقطت الكلمة من (ج) و (ع) و (ل) و (ي).
(٥) ساقط من (ز) و (هـ).
(٦) في "تفسيره" (١/ ١٥٣).
(٧) في "تفسيره" (١٩/ ٢٠٤).
(٨) في (ن) بعدها: "والجبال أرساها".
(٩) في "كتاب التفسير" (٨/ ٥٥٥، ٥٥٦) قال: حدثنيه يوسف بن عدي، حدثنا عبيد اللّه بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد قال: قال رجل لابن عباس إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي وساق حديثًا طويلًا.
قال الحافظ في "الفتح" (٨/ ٥٥٩): "وأخرجه الطبري من رواية مطرف من طريق المنهال بن عمرو بتمامه".
(١٠) ساقط من (ز) و (هـ).
(١١) من (ن).
(١٢) ساقط من (ز) و (هـ).