للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[﴿مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢)(١) [النازعات] ففسر الدحي بإخراج ما كان مودعًا فيها بالقوة إلى الفعل، لما (اكتملت) [صورة المخلوقات الأرضية ثم السماوية دحى بعد ذلك الأرض، فأخرجت ما كان مودعًا فيها من المياه، فنبتت النباتات على اختلاف أصنافها وصفاتها، وألوانها وأشكالها، وكذلك جرت (هذه)] (٢) الأفلاك، فدارت بما فيها من الكواكب الثوابت والسيارة، واللّه أعلم] (٣).

وقد ذكر ابن أبي (٤) حاتم، وابن مردويه في تفسير هذه الآية الحديث الذي رواه مسلم، والنسائي، في "التفسير" أيضًا، من رواية ابن جريج؛ قال: أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد اللّه بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة، قال: أخذ رسول اللّه بيدي، فقال: "خلق اللّه التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة من آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل".

وهذا الحديث من غرائب "صحيح مسلم"؛ وقد تكلم عليه علي بن المديني، والبخاري، وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار؛ وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعًا؛ وقد حرر ذلك البيهقي.

﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)﴾.

يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم؛ فقال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ﴾ أي: واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة، واقصص على قومك ذلك.

وحكى ابن جرير (٥) عن بعض أهل العربية (وهو أبو عبيدة) (٦) أنه زعم أن "إذ" ها هنا زائدة، وأن تقدير الكلام: وقال ربك. ورده ابن جرير] (٢).

[قال القرطبي (٧): وكذا رده جميع المفسرين، حتى قال الزجاج: هذا اجتراء من أبي عبيدة] (٨).

﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ أي: قومًا يخلف بعضهم بعضًا، قرنًا بعد قرن، وجيلًا بعد


(١) في (ك) و (ن): "أكملت".
(٢) ساقط من (ز) و (هـ).
(٣) من (ك) و (ل) و (ن).
(٤) في "تفسيره" (٣٠٥).
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ١/ ٤١٣) معلقًا ووصله مسلم (٢٧٨٩/ ٢٧).
(٥) في "تفسيره" (١/ ٤٣٩) وعبارته: "زعم بعض المنسوبين إلى العلم بلغات العرب من أهل البصرة" ولم يسمه.
(٦) ساقط من (ز) و (هـ).
(٧) في "تفسيره" (١/ ٢٦٢).
(٨) ساقط من (ز).