للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة، عن ابن مسعود به (١).

وقال عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي في قوله تعالى: ﴿أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ قال: "إنكم تدعون يوم القيامة مفدمًا على أفواهكم بالفدام فأول شيء يبين عن أحدكم فخذه وكفه" قال معمر: وتلا الحسن: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ ثم قال: قال رسول الله : "قال الله تعالى أنا مع عبدي عند ظنه بي وأنا معه إذا دعاني" ثم افتر الحسن ينظر في هذا فقال: ألا إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم فأما المؤمن فأحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأما الكافر والمنافق فأساءا الظن بالله فأساءا العمل ثم قال: قال الله : ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا النضر بن إسماعيل القاص وهو أبو المغيرة، حدثنا ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله : "لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن بالله الظن فإن قومًا قد أرداهم سوء ظنهم بالله فقال الله تعالى: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (٣).

وقوله: ﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤)﴾ أي: سواء عليهم صبروا أم لم يصبروا هم في النار لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها، وإن طلبوا أن يستعتبوا ويبدوا أعذارهم فما لهم أعذار ولا تقال لهم عثرات.

قال ابن جرير: ومعنى قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا﴾ أي: يسألوا الرجعة إلى الدنيا فلا جواب لهم قال: وهذا كقوله تعالى إخبارًا عنهم: ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (١٠٦) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (١٠٧) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (١٠٨)(٤) [المؤمنون].

﴿* وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (٢٥) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (٢٨) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩)﴾.

يذكر تعالى أنه هو الذي أضل المشركين وأن ذلك بمشيئته وكونه وقدرته، وهو الحكيم في أفعاله بما قيض لهم من القرناء من شياطين الإنس والجن ﴿فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾


(١) صحيح البخاري، التفسير، باب ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ. . .﴾ [فصلت: ٢٣] (ح ٤٨١٧)، وصحيح مسلم، صفات المنافقين (ح ٢٧٧٥).
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، والشطر الأول سنده حسن، والشطر الثاني رجاله ثقات لكن سنده مرسل.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٣/ ٣٧٣ ح ١٥١٩٧)، وقال محققوه: حديث صحيح دون قوله: "فإن قومًا قد أرداهم. . .".
(٤) ذكره الطبري بمعناه وأطول.