للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا﴾ أي: أسفل منا في العذاب ليكونا أشد عذابًا منا ولهذا قالوا: ﴿لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ أي: في الدرك الأسفل من النار كما تقدم في الأعراف في سؤال الأتباع من الله تعالى أن يعذب قادتهم أضعاف عذابهم ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨] أي: أنه تعالى قد أعطى كلًّا منهم ما يستحقه من العذاب والنكال بحسب عمله وإفساده كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨)[النحل].

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)﴾.

يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ أي: أخلصوا العمل لله وعملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع الله لهم.

قال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا الجراح، حدثنا سلم بن قتيبة أبو قتيبة الشعيري، حدثنا سهيل بن أبي حزم، حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك قال: قرأ علينا رسول الله هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ قد قالها ناس ثم كفر أكثرهم، فمن قالها حتى يموت فقد استقام عليها (١)، وكذا رواه النسائي في تفسيره والبزار وابن جرير، عن عمرو بن علي الفلاس، عن سلم بن قتيبة به (٢). وكذا رواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن الفلاس به (٣).

ثم قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن سعيد بن نمران قال: قرأت عند أبي بكر الصديق هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ قال: هم الذين لم يشركوا بالله شيئًا (٤)، ثم روى من حديث الأسود بن هلال قال: قال أبو بكر الصديق ما تقولون في هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ قال: فقالوا: ﴿رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ من ذنب فقال: لقد حملتموه على غير المحمل قالوا: ﴿رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ فلم يلتفتوا إلى إله غيره (٥). وكذا قال مجاهد وعكرمة والسدي وغير واحد (٦).


(١) مسند أبي يعلى (٦/ ٢١٣ ح ٣٤٩٥) وسنده ضعيف لضعف سهيل بن أبي حزم (التقريب ص ٢٥٩).
(٢) السنن الكبرى للنسائي، التفسير (ح ١١٤٧٠) وتفسير الطبري، وسنده كسابقه.
(٣) سنده ضعيف كسابقه.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأن سعيد بن نمران مجهول (لسان الميزان ٣/ ٤٦) ولكنه توبع بالأسود بن هلال كما في الرواية التالية، فيرتقي إلى الحسن لغيره.
(٥) أخرجه الطبري من طريق الأسود بن هلال به، وأخرجه الحاكم من الأسود به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٤٠).
(٦) أخرجه الطبري من طريق منصور عن مجاهد وهو مرسل ويتقوى بسابقه، وأخرجه الطبري من طريق أسباط عن السدي وهو مرسل ويتقوى بسابقه، وأخرجه الطبري بسند فيه حفص بن عمر وهو ضعيف عن عكرمة ويتقوى بسابقه.